للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشام، ومصر، مذهبنا: أنَّا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه، نقر بذلك بألسنتنا، ونصدق ذلك بقلوبنا من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين عزَّ ربنا عن أن يشبه المخلوقين وجلَّ ربنا عن مقالة المعطلين" (١).

ومما يدل على إبطال مذهب التأويل في هذه الصفة، قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)} (٢) فأضاف الوجه إلى الذات وأضاف النعت إلى الوجه، فقال: "ذو" ولو كان ذكر الوجه صلة، ولم يكن صفة للذات لقال: ذي الجلال، فلما قال: "ذو الجلال" علمنا أنه نعت للوجه، وأن الوجه صفة للذات (٣).

وقال الدارمي في رده على المريسي: "لو كان وجه الله قبلته، أو الأعمال التي يبتغى بها وجهه أفيجوز أن يقال للقبلة والأعمال ذو الجلال والإكرام؟ فقد علم المؤمنون من خلق الله أنه لا يقدس وجه بذي الجلال والإكرام غير وجه الله.

ثم قوله في الحديث: "أحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره" أفيستقيم: أن يتأول هذا أنه أحرقت سبحات وجهه الأعمال الصالحة، ووجه القبلة كل شيء أدركه بصره؟ ما يشك مسلم في استحالة هذا، ثم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أعوذ بوجهك" وقوله: "أسألك لذة النظر إلى وجهك" (٤). أفيجوز أن يتأول هذا: أعوذ بثوابك والأعمال التي يبتغى بها


(١) التوحيد لابن خزيمة (١/ ٢٦).
(٢) سورة الرحمن، آية: ٢٧.
(٣) انظر: التوحيد لابن خزيمة (١/ ٥١)
(٤) أخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب صفة الصلاة باب (٩٦) وابن حبان في صحيحه في باب صفة الصلاة، ذكر جواز دعاء المرء في الصلاة بما ليس في كتاب الله وصححه الألباني في صحيح الجامع ص (٢٧٩) برقم (١٣٠١).

<<  <   >  >>