للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصدت هذا الوجه وسافرت إلى هذا الوجه أي: إلى هذه الجهة، وهذا كثير مشهور، فالوجه هو: الجهة وهو الوجه كما في قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} (١) أي: متوليها، فقوله تعالى: {وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} كقوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} كلا الآيتين في اللفظ والمعنى متقاربان، وكلاهما في شأن القبلة والوجه والجهة، وهو الذي ذكر في الآيتين: إنا نوليه: نستقبله، والسياق يدل عليه؛ لأنه قال: أينما تولوا، وأين من الظروف، وتولوا: أي تستقبلوا، فالمعنى: أي موضع استقبلتموه، فهنالك وجه الله، فقد جعل وجه الله في المكان الذي يستقبله هذا بعد قوله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} وهي الجهات كلها، كما في الآية الأخرى: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢)} (٢) فأخبر أن الجهات له فدل على أن الإضافة إضافة تخصيص وتشريف، كأنه قال: جهة الله وقبلة الله، ولكن من الناس من يسلم أن المراد بذلك جهة الله، أي: قبلة الله، ولكن يقول هذه الآية تدل على الصفة، وعلى أن العبد يستقبل ربه، كما جاء في الحديث: "إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه" (٣) ويقول أن لآية دلَّت على المعنيين" (٤).

هذا بالنسبة لهذا الدليل، وأما ما سواه من الأدلة فهي نصٌّ في إثبات هذه الصفات، والسلف بإجماعهم على الاستدلال بها، قال الإمام ابن خزيمة: "فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة واليمن والعراق،


(١) سورة البقرة، آية: ١٤٨.
(٢) سورة البقرة، آية: ١٤٢.
(٣) رواه البخاري في كتاب الصلاة باب حسك البزاق باليد من المسجد ح (٤٠٦) (١/ ٦٠٦)، ومسلم في كتاب المساجد وموضع الصلاة باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها ح (٥٤٧) (٥/ ٤١).
(٤) الفتاوى (٦/ ١٦).

<<  <   >  >>