للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أستغفر الله ذنبًا لستُ مُحصيه ... رب العباد إليه الوجه العملُ (١)

وفي قوله نظر فإن الوجه المذكور في الشعر ليس هو العمل بدليل ذكر العمل بعده، وإنما معناه: القصد أي: إليه القصد والعمل ويمكن حمل الوجه في الآية على هذا والله أعلم" (٢).

وقال المازري في شرحه للحديث الأول الذي سبق: الضمير الذي في "وجهه" يعود على المخلوق لا على الخالق إذ الحجاب بمعنى الستر إنما يكون على الأجسام المحدودة والباري جلَّت قدرته، ليس بجسم ولا محدود والحجاب في اللغة: المنع ومنه سمى المانع من الأمير: حاجبًا لمنعه الناس عنه ومنه الحاجب في الوجه؛ لأنه يمنع الأذى عن العين ... وأما تفسير السبحات، فقال الهروي: سبحات وجهه: نور وجهه تعالى في كتاب العين: سبحة من نور وجهه وجلاله، وإنما نقلنا هذا ليعلم قول أهل اللغة في هذه اللفظة لا على اتباعهم فيما يرجع الضمير إليه وإطلاق اللفظ الذي قالوه" (٣).

ويتضح أن ماورد عن القرطبي والمازري مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة الذين يثبتون هذه الصفة كما جاءت من غير تشبيه، وأما ما ذكره القرطبي في تفسير قوله تعالى: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (٤) فقد ذهب كثير من علماء السنة إلى أن هذه الآية ليست من آيات الصفات، بل المراد بها قبلة الله، وقد بيَّن هذا شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - حيث قال: المراد بالوجه هنا القبلة فإن "الوجه" هو الجهة في لغة العرب، يقال:


(١) لم أقف عليه.
(٢) المفهم (٢/ ٣٤١).
(٣) المعلم (١/ ٢٢٤).
(٤) سورة البقرة، آية: ١١٥.

<<  <   >  >>