للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إثبات اليمين عن ظاهرها إلى تأويلات باطلة.

قال القرطبي عند شرحه لقوله - عليه السلام -: "عن يمين الرحمن"، "قال ابن عرفة (١): يقال: أتاه عن يمين: إذا أتاه من الجهة المحمودة. قال المفسرون في قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧)} (٢) أي: أصحاب المنزلة الرفيعة وقيل غير هذا في الآية.

... وقد توسعت العرب في اليمين فأطلقوه ولا يريدون به يمين الجارحة بل الجهة المحمودة والظفر بالخصلة الشريفة المقصودة، كما قال شاعرهم:

إذا ما رايةُ رُفعتْ لمجدٍ ... تلقَّاها عَرَابةُ باليمين (٣)

والمجد: الشرف، ورايته عبارة عما يظهر من خصاله، وهما معنويان، فاليمين التي تُتلقى به تلك الراية معنوي لا محسوس، فأشبه ما يحمل عليه اليمين في هذا الحديث ما قاله ابن عرفة" (٤).

وعند قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يمين الله ملأى" قال: "نسبة اليمين إلى الله تعالى نسبة مجازية توسعية عبر بها عن كثرة العطاء والقدرة عليه، وحمل على هذه الاستعارة عادة التخاطب وحصول التفاهم" (٥).

وقال المازري في شرح هذا الحديث: "هذا مما يتأول لأن اليمين التي هي جارحة إنما كانت يمينًا بنسبتها إلى الشمال فلا يوصف بها


(١) أبو الحسن علي بن محمد الجرجاني الحناطي المعلم توفي في حدود سنة (٤٢٠ هـ). سير أعلام النبلاء (٢١٧/ ٤٢١).
(٢) سورة الواقعة، آية: ٢٧.
(٣) البيت للشاعر المخضرم الشماخ بن ضرار الذبياني انظر: ديوان الشماخ ص (٣٣٦).
(٤) المفهم (٤/ ٢٢) وانظر: (٣/ ٦٠).
(٥) المفهم (٣/ ٣٧).

<<  <   >  >>