للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى؛ لأنها تتضمن إثبات شمال، وهذا يؤدي إلى التحديد ويتقدس الباري سبحانه عن أن يكون جسمًا محدودًا، وإنما خاطبهم - صلى الله عليه وسلم - بما يفهمونه إذ أراد الإخبار على أن الباري لا ينقصه الإنفاق، ولا يمسك خشية الإملاق، جلت قدرته وعظمت عن ذلك، وعبَّر عليه السلام عن قدرة الله سبحانه على توالي النعم بسح اليمين؛ إذ الباذل منَّا والمنفق يفعل ذلك بيمينه" (١).

قال أبو يعلى في إبطال هذه التأويلات: "فإن قيل قوله: "عن يمين الرحمن" المراد به المنزلة الرفيعة، والمحل العظيم، قيل: هذا غلط؛ لأنه لو أراد ذلك لقال: المقسطون في يمين الرحمن، ولأنه قال: "وكلتا يديه يمين" فلو كان المراد به المنزلة لم يكن لذكر اليد معنى. فإن قيل: حمله على ظاهره يستحيل على الله سبحانه؛ لأنه يؤدي إلى وصفه بالحد والجهة، قيل: لا يفضي إلى ذلك كما أن قوله: "ترون ربكم كما ترون القمر" حملناه على ظاهره، وإن كنا نعلم أن رؤية القمر في جهة محدودة والله تعالى لا في جهة (٢) ولا محدود" (٣).

ولا شك أن المذهب الحق هو ما عليه أهل السنة والجماعة من إثبات اليمين لله سبحانه وتعالى.

قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - رده على هذه التأويلات الباطلة المنكرة لوصف يد الله تعالى باليمين والتي ذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تصدق أحد بصدقة ... إلَّا أخذها الرحمن


(١) المعلم (٢/ ١٤).
(٢) نفي الجهة عن الله من الألفاظ المحدثة التي تحتمل الحق والباطل وسيأتي التفصيل في ذلك.
(٣) ابطال التأويلات (١/ ١٨١، ١٨٢) بتصرف.

<<  <   >  >>