للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"فأما النار فلا تمتليء حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله - وعند مسلم: قدمه - فتقول قط قط" (١)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يُقال لجهنم: هل امتلأت؟ وتقول: هل من مزيد؟ فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها، فتقول: قط قط" (٢)، هذا سوى الآثار الموقوفة على الصحابة في إثبات القدمين لله تعالى (٣)، فأهل السنة يثبتون لله تعالى هذه الصفة على ما جاءت بها النصوص كما يليق به سبحانه من غير مشابهة لخلقه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} (٤).

قال القرطبي: "حتى يضع رب العزة فيها قدمه"، وفي اللفظ الآخر: "حتى يضع الله رجله" ولم يذكر لا فيها ولا عليها، وقد ضل بظاهر هذا اللفظ من أذهب الله عقله، وأعدم فهمه، وهم المجسمة المشبهة، فاعتقدوا: أن لله تعالى رجلًا من لحم وعصب تشبه أرجلنا كما اعتقدوا في الله تعالى أنه جسم يشبه أجسامنا، ذو وجه وعينين، وجنب، ويد، ورجل، وهكذا، وهذا ارتكاب جهالة، خالفوا بها العقول وأدلة الشرع المنقول، وما كان سلف هذه الأمة عليه من التنزيه عن المماثلة والتشبيه، وكيف يستقر هذا المذهب في قلب من له أدنى فكرة، ومن العقل أقل مسكة، فإن الأجسام من حيث هي كذلك متساوية في الأحكام


(١) رواه البخاري في كتاب التفسير باب "وتقول هل من مزيد"ح (٤٨٥٠) (٨/ ٤٦٠) ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء ح (٢٨٤٦) (١٧/ ١٨٨).
(٢) رواه البخاري في كتاب التفسير باب، "وتقول هل من مزيد" ح (٤٨٤٩) (٨/ ٤٦٠) ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء ح (٢٨٤٨) (١٧/ ١٨٩).
(٣) انظر: التوحيد لابن خزيمة (١/ ٢٠٢) والدارمي في الرد على المريسي (١/ ٣٩٤).
(٤) سورة الشورى، آية: ١١.

<<  <   >  >>