للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد روى الدارمي أن رجلًا جاء إلى الإمام مالك بن أنس فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} كيف استوى؟ قال الر اوي: فما رأينا مالكًا وَجَدَ من شيء كوجده من مقالته، وعلاه الرحضاء (١) وأطرق، وجعلنا ننتظر ما يأمر به فيه، قال: ثم. سري عن مالك فقال: الكيف غير معقول والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وإني لأخاف أن تكون ضالًّا ثم أمر به فأُخرج (٢).

قال الإمام ابن خزيمة: "فنحن نؤمن بخبر الله جل وعلا أن خالقنا مستوٍ على عرشه، لا نبدل كلام الله، ولا نقول غير الذي قيل لنا كما قالت المعطلة والجهمية: أنه استولى على عرشه، لا استوى، فبدلوا قولًا غير الذي قيل لهم" (٣).

وقال أبو الحسن الأشعري: نقول إن الله عز وجل يستوي على عرشه، استواءً يليق به" (٤).

وقال ابن تيمية: "فإن القول بأن الله فوق العرش هو مما اتفقت عليه الأنبياء كلهم، وذكر في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل، وقد اتفق على ذلك سلف الأمة وأئمتها من جميع الطوائف" (٥).

وكما أنكر القرطبي العلو فكذلك أنكر الاستواء حيث قال: "إضافته إلى الله -أي العرش- على جهة الملك أو التشريف، لا لأن الله استقر عليه، أو استظل به، كما قد توهمه بعض الجهال في الاستقرار


(١) الرحضاء يعني العرق وهو علامة على شدة وقع السؤال عليه وجزعه منه.
(٢) الرد على الجهمية للدارمي ص (٦٦).
(٣) التوحيد لابن خزيمة (١/ ٢٣٣).
(٤) الإبانة للأشعري ص (٩٧).
(٥) نقض التأسيس (٢/ ٩).

<<  <   >  >>