للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك على الله محال، إذ يستحيل عليه الجسمية ولواحقها" (١).

وقال في موضع آخر: "ومما يعلم استحالته: كون العرش حاملًا لله تعالى، وأن الله تعالى مستقرٌّ عليه، كاستقرار الأجسام، إذ لو كان محمولًا لكان محتاجًا فقيرًا لما يحمله، وذلك ينافي وصف الإلهية، إذ أخص أوصافه الاستغناء المطلق، ولو كان ذلك للزم كونه جسمًا مقدرًا، ويلزم كونه حادثًا على ما سبق، فإن قيل ما معنى قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} (٢) قيل: له محامل واضحة وتأويلات صحيحة غير أن الشرع لم يعين لنا محملًا من تلك المحامل، فيتوقف في التعيين ويسلك مسلك السلف الصالح في التسليم" (٣).

وقال أيضا: "ولقد أحسن من قال: لو كان الباري تعالى في شيء لكان محصورًا ولو كان على شيء لكان محمولًا، ولو كان من شيء لكان محدثًا" (٤).

وكلام القرطبي واضح في نفي استواء الله تعالى على العرش بزعم أن هذا من صفات الأجسام والمحدثات، وأنه لو كان مستويًا على العرش، لكان محتاجًا إليه، وهذا لا شك من اللوازم الباطلة إذ أهل السنة والجماعة أثبتوا لله تعالى الاستواء اللائق به تعالى ونزَّهوه سبحانه أن يحتاج لشيء أو يفتقر إلى مخلوق.

قال الطحاوي: "والعرش والكرسي حق، وهو مستغني عن العرش، وما دونه، محيط بكل شيء، وفوقه، وقد أعجز عن الإحاطة به خلقه".


(١) المفهم (١/ ٤٣٦).
(٢) سورة طه، آية: ٥.
(٣) المفهم (٦/ ٦٧٠).
(٤) المفهم (٦/ ٤٥١).

<<  <   >  >>