للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى كما يليق به سبحانه.

ومن العجب تأويل قوله: "إلى السماء الدنيا" مع وضوحها بأن هذا عبارة عن الحاجة القريبة، ولم يأت بدليل على ما ذهب إليه سوى أن الدنيا بمعنى: القربى، وهذا معلوم إذ السماء الدنيا سميت بذلك لأنها أقرب السموات السبع إلينا، فليس في هذا دليل على ما ذهب إليه.

وأما قولهم: أن "ينزلُ الله" من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وقول المازري أن هذا ملك ربنا واستدلاله على ذلك بقولهم فعل السلطان كذا وقد فعل أتباعه (١).

والحاصل أن هذا تأول بنزول ملك وهو المنادي أو قولهم كذلك: إن هذا استعارة بمعنى التلطف بالداعين والاستجابة لهم، وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية هذا التأويل فقال: "نزول الملائكة إلى الأرض في كل وقت وهذا خص النزول بجوف الليل وجعل منتهاه سماء الدنيا والملائكة لا يختص نزولهم لا بهذا الزمان ولا بهذا المكان، وإن أريد صفات وأعراض مثل ما يحصل في قلوب العابدين وقت السحر من الرقة والتضرع وحلاوة العبادة ونحو ذلك، فهذا حاصل في الأرض ليس منتهاه السماء الدنيا.

وأيضًا في الحديث الصحيح أنه ينزل إلى السماء الدنيا ثم يقول: "لا أسأل عن عبادي غيري" (٢) ومعلوم أن هذا كلام الله الذي لا يقوله غيره، وكذلك قال: "ينزل إلى السماء الدنيا فيقول: من ذا الذي يدعوني


(١) قال أبو الفراء الحنبلي: لا يصح حمله على الملائكة كما إذا قيل: نزل الملك ببلد كذا لا يعقل منه نزول أصحابه، إبطال التأويلات (١/ ٢٦٤).
(٢) رواه أحمد في المسند (٤/ ١٦) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب ما جاء في أي ساعات الليل أفضل وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (١/ ٢٢٩).

<<  <   >  >>