للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى الذي يليق به سبحانه من غير تشبيه لها بصفة المخلوقين، ولا تأويل لها على خلاف ظاهرها (١).

قال ابن خزيمة: "باب: ذكر إثبات ضحك ربنا عز وجل: بلا صفة تصف ضحكه جل ثناؤه لا ولا يشبَّه ضحكه بضحك المخلوقين، وضحكهم كذلك، بل نؤمن بأنه يضحك، كما أعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- ونسكت عن صفة ضحكه جل وعلا، إذ الله عز وجل استأثر بصفة ضحكه لم يطلعنا على ذلك، فنحن قائلون بما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- مصدقون بذلك بقلوبنا، منصتون عما لم يبين لنا مما استأثر الله بعلمه" (٢).

وقال الآجري: "باب الإيمان بأن الله عز وجل يضحك: اعلموا -وفَّقنا الله وإياكم للرشاد من القول والعمل- أن أهل الحق يصفون الله عز وجل بما وصف به نفسه عز وجل وبما وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- وبما وصفه به الصحابة -رضي الله عنهم- وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع ولا يقال فيه: كيف؟ بل التسليم له والإيمان به أن الله عز وجل يضحك كذا روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن صحابته -رضي الله عنهم- فلا ينكر هذا إلَّا من لا يحمد حاله عند أهل الحق" (٣).

وقد سار القرطبي والمازري على منهج الأشاعرة في تأويل هذه الصفة، فقال القرطبي: "الضحك من خواص البشر، وهو: تغير أوجبه سرور القلب بحصول كمال لم يكن حاصلًا من قبل فتثور من القلب حرارة ينبسط لها الوجه ويضيق عنها الفم فينفتح وهو التبسم، فإذا زاد ولم يضبط الإنسان نفسه قهقه، وذلك كله على الله تعالى محال، لكن لما كان دلالة


(١) انظر: شرح الواسطية لابن عثيمين (٢/ ٢٥) بتصرف.
(٢) التوحيد لابن خزيمة (٢/ ٥٦٣).
(٣) الشريعة للآجري (٢/ ١٠٥١).

<<  <   >  >>