للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظواهر الجلية فلا حجة فيها" (١).

قال ابن القيم حول قوله تعالى: {قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} (٢): فلم ينف موسى عليه السلام الرؤية، ولم يريدوا بقولهم: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١)} إنا لمرئيون، فإن موسى عليه السلام نفى إدراكهم إياهم بقوله: {كَلَّا} وأخبر الله سبحانه أنه لا يخاف دركهم بقوله: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (٧٧)} (٣) فالرؤية والإدراك كل منهما يوجد مع الآخر وبدونه، فالرب تعالى يرى ولا يدرك، كما يعلم ولا يحاط به، وهذا هو الذي فهمه الصحابة والأئمة من بعدهم من الآية، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}: لا تحيط به الأبصار، وقال قتادة: هو أعظم من أن تدركه الأبصار، وقال ابن عطية: ينظرون إلى الله ولا تحيط أبصارهم به من عظمته وبصره يحيط بهم" (٤).

قال الحافظ ابن حجر: "أنه لا تدركه الأبصار في الدنيا جمعًا بين دليلي الآيتين، وبأن نفي الإدراك لا يستلزم نفي الرؤية لإمكان رؤية الشيء من غير إحاطة بحقيقته" (٥).

وأما استدلالهم بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا. . .} (٦). قال القرطبي: "لا حجة


(١) المفهم (١/ ٤٠٤).
(٢) سورة الشعراء، آية: ٦١.
(٣) سورة طه، آية: ٧٧.
(٤) حادي الأرواح (١/ ٢٠٢).
(٥) فتح الباري (١٣/ ٤٣٥).
(٦) سورة الشورى، آية: ٥١.

<<  <   >  >>