للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحاديث في تفضيل مريم: قول الله تعالى حكاية عن قول الملائكة لها: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (٤٢)} (١) فظاهر القرآن والأحاديث يقتضي أن مريم أفضل من جميع نساء العالم من حواء إلى آخر امرأة تقوم عليها الساعة، ويعتضد هذا الظاهر بأنها صديقة ونبية بلغتها الملائكة الوحي عن الله تعالى بالتكليف والإخبار والبشارة وغير ذلك كما بلغته سائر الأنبياء، فهي إذًا نبية. وهذا أولى من قول من قال: إنها غير نبية، وإذا ثبت ذلك ولم يسمع في الصحيح أن في النساء نبية غيرها، فهي أفضل من كل النساء الأولين والآخرين إذ النبي أفضل من الولي بالإجماع (٢).

وعند قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" (٣).

قال القرطبي: "لا شك أن أكمل نوع الإنسان: الأنبياء ثم تليهم الأولياء، ويعني بهم: الصديقين والشهداء والصالحين، وإذا تقرر هذا فقد قيل: إن الكمال المذكور في الحديث يعني به: النبوة، فيلزم أن تكون مريم وآسية نبيتين، وقد قيل بذلك، والصحيح: أن مريم نبية؛ لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك، كما أوحى إلى سائر النبيين، وأما آسية فلم يرد ما يدل على نبوتها دلالة واضحة بل: على صديقيتها وفضيلتها فلو


= أخرجه ابن حبان في صحيحه في ذكر فاطمة الزهراء.
(١) سورة آل عمران، الآية: ٤٢.
(٢) المفهم (٦/ ٣١٤).
(٣) رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (وضرب الله مثلًا للذين آمنوا امرآة فرعون -إلى قوله- وكانت من القانتين) ح ٣٤١١ (٦/ ٥١٤)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة رضي الله عنها ح ٢٤٣١ (١٥/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>