للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نبوتها كأم موسى، إذ قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى} (١). وقد نقل الطبري عن قتادة قوله في هذه الآية: "وحيًا جاءها من الله فقذف في قلبها وليس بوحي نبوة" (٢).

وأما مجيء الملك إلى مريم فلا حجة فيه؛ لأنه قد ثبت مجيء الملك لمن لا يشك في أنه ليس بنبي كالذي زار أخًا له في الله، فبعث الله إليه ملكًا يسأله عن سبب زيارته، فلما أخبره أنه يحبه في الله أعلمه الملك أن الله قد بعثه إليه ليخبره أنه يحبه (٣).

واما قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} (٤) فليس فيه حجة أيضًا؛ لأن الاصطفاء قد يكون اصطفاء هداية إلى دين الله تعالى وزيادة يقين ورسوخ إيمان، وقد قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} (٥) فالصحيح الذي تدل عليه الأدلة هو ما ذهب إليه جمهور العلماء، وذكر النووي أن الجويني ذكر الإجماع عليه، وهو عدم وجود نبية من النساء، وأن النبوة تقتصر على الرجال، وبهذا يتبين أن القول بنبوة بعض النساء قول ضعيف نقلًا وعقلًا، ولذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه من الأقوال المنكرة الشاذة التي يعجب منها (٦).


(١) سورة القصص، الآية: ٧.
(٢) تفسير الطبري (١٠/ ٢٩).
(٣) وقد أخرج الحديث مسلم في صحيحه في كتاب البر والصلة، باب في فضل الحب في الله ح ٢٥٦٧ (١٦/ ٣٥٩).
(٤) سورة آل عمران، الآية: ٤٢.
(٥) سورة فاطر، الآية: ٣٢.
(٦) انظر: الفتاوى (٤/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>