للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي فارق بها عادة الناس في مثل تلك الحال تحقق صدقه وعلم أنه لا يصل إليه بضرر.

وهذا من أعظم الخوارق للعادة فإنه عدو متمكن بيده سيف شاهر وموت حاضر، ولا حال تغيرت، ولا روعة حصلت هذا محال في العادات، فوقوعه من أبلغ الكرامات، ومع اقتران التحدي به يكون من أوضح المعجزات" (١).

٤ - انشقاق القمر:

وهو من معجزاته عليه الصلاة والسلام التي تحدى بها قومه ودعاهم بها إلى تصديقه والإيمان به، قال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢)} (٢).

قال الطبري في تفسير هذه الآية: "إن كفار مكة سألوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - آية فأراهم انشقاق القمر آية حجة على صدق قوله، وحقيقة نبوته، فلما أراهم أعرضوا وكذَّبوا" (٣).

قال القرطبي: "وقع ذلك الانشقاق على حقيقته، ووجد ذلك بمكة ومنى بعد أن سألت قريش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية، فأراهم انشقاقه على نحو ما ذكر من أن عبد الله بن مسعود أوضح كيفية هذا الانشقاق حتى لم يترك لقائل مقالًا، فقال: وكانت فلقة وراء الجبل، وفلقة دونه، وفي رواية: فسترت الجبل فلقة، وكانت فلقة فوق الجبل، ونحو ذلك قال ابن عمر - رضي الله عنهما- وقد روى هذا الحديث جماعة كثيرة من الصحابة - رضي الله عنهم- منهم: عبد الله بن مسعود وأنس، وابن عباس، وابن


(١) المفهم (٦/ ٦٣).
(٢) سورة القمر، الآيتان: ١، ٢.
(٣) تفسير الطبري، (١١/ ٥٤٤).

<<  <   >  >>