للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسلم عليه بالنبوة والرسالة، قبل أن يشافهه الملك بالرسالة، وقد سمع الكثير ممن حضر مجالسه تسبيح الحصى في كفه وحنين الجذع (١) والمسجد قد غصَّ بأهله" (٢).

٦ - الإخبار بالمغيبات:

الغيب لا يعلمه إلَّا الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٣٨)} [فاطر: ٣٨] (٣). ولكن قد يظهر الله تعالى بعض أمور الغيب لمن يشاء من عباده، كما أظهر سبحانه للخضر ما أخفاه عن موسى، وكما أظهر لموسى عليه السلام وغيره من الأنبياء ما أخفاه عما سواهم قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} (٤).

ولذا فالإخبار ببعض أمور الغيب، جعلها الله تعالى من دلائل النبوة، التي تدل على صدق الأنبياء -عليهم السلام- فيما يخبرون به. وقد وقع للرسول - صلى الله عليه وسلم - من الإخبار ببعض أمور الغيب، فَوَقَعَ منها ماوقع ممَّا شوهد في حياته - صلى الله عليه وسلم - ومنه ما حدث بعد ذلك، ومنه ما سيأتي. فمنها إخباره - صلى الله عليه وسلم - أن أمره سيظهر وهو يومئذ بمكة بضيق ومحاصرة (٥).

قال القرطبي في هذا الخبر: "وهذا من إخباره بالغيب، فهو داخل


(١) حنين الجذع جاء من حديث جابر رضي الله عنه وغيره، قال: "كان في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جذع في قبلته يقوم إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطبته، فلما وضع المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار حتى نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده عليه" رواه البخاري في كتاب الجمعة باب الخطبة على المنبر ح ٩١٨ (٢/ ٤٦١).
(٢) المفهم (٦/ ٥١) بتصرف يسير.
(٣) سورة فاطر، الآية: ٣٨.
(٤) سورة الجن، الآيتان: ٢٦، ٢٧.
(٥) رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب إسلام عمرو بن عبسة ح ٨٣٢ (٦/ ٣٦٢).

<<  <   >  >>