للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم وبحسبه كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (١) " (٢).

وهذه المقامات له - صلى الله عليه وسلم - لا تستغرب إذا عُلم أن الله تعالى اصطفاه وجعله مختارًا من خيار الناس، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم" (٣).

قال القرطبي: " {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} (٤) قد اصطفى الله تعالى من هذا الجنس الحيواني نوع بني آدم، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (٧٠)} (٥) يكفيك من ذلك كله: أن الله تعالى خلق العالم كله لأجله، كما صرح بذلك عنه لما قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١٣)} [الجاثية: ١٣] (٦) ثم إن الله تعالى اختار من هذا النوع الإنساني من جعله معدن نبوته، ومحل رسالته، فأولهم آدم -عليه الصلاة والسلام- ثم إن الله اختار من نطفته نطفة كريمة، فلم يزل ينقلها من الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة فكان منها الأنبياء والرسل كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)} (٧) ثم إن الله تعالى اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل وإسحاق، كما قال:


(١) سورة فاطر، الآية: ٢٨.
(٢) المفهم (٦/ ١٥٠).
(٣) رواه مسلم في كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - ح ٢٢٧٦ (١٥/ ٤١).
(٤) سورة القصص، الآية: ٦٨.
(٥) سورة الإسراء، الآية: ٧٠.
(٦) سورة الجاثية، الآية: ١٣.
(٧) سورة آل عمران، الآيتان: ٣٣، ٣٤.

<<  <   >  >>