للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القرطبي في شرحه لهذا الحديث: "خص هؤلاء الملائكة بالذكر تشريفًا لهم؛ إذ بهم ينتظم هذا الوجود؛ إذ قد أقامهم الله تعالى في ذلك" (١).

ويرى القرطبي تفاضل الملائكة بعد ذلك بحسب مراتبهم في السماء، فأفضلهم حملة العرش، ثم الذين في السماء السابعة، ثم الذين في السماء السادسة، وهكذا، استنباطًا من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه إذا قضى أمرًا سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا، ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال فيستخبر بعض أهل السموات بعضًا حتى يبلغ الخبر إلى السماء الدنيا ... " (٢).

حيث قال في شرح هذا الحديث: "فيه دليل على أن حملة العرش أفضل الملائكة، وأعلاهم منزلة، وأن فضائل الملائكة على حسب مراتبهم في السموات ... فعلوم الملائكة بالكائنات يستفيده بعضهم من بعض إلَّا حملة العرش فإنهم يستفيدون علومهم من الحق سبحانه فهم المبدؤون بالإعلام أولًا ثم إن ملائكة كل سماء تستفيد من التي فوقها" (٣).

وأما تفاضل الملائكة وصالحي البشر فهو محل نزاع بين أهل العلم، والقرطبي ذكر المسألة، وأشار إلى الخلاف ولم يرجح، وذلك عند قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي فيما يرويه عن ربه عز وجل: "إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأٍ خير


(١) المفهم (٢/ ٤٠٠).
(٢) رواه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان ح ٢٢٢٩ (١٤/ ٤٧٦).
(٣) المفهم (٥/ ٦٣٨).

<<  <   >  >>