للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفوض التعيين لاختيارهم" (١).

وقد بيَّن القرطبي وجوب نصب الإمام، وطريق ذلك، فقال عند شرحه للحديث السابق: "قد حصل من هذا الحديث أن نصب الإمام لابُدَّ منه، وأن لنصبه طريقين:

أحدهما: اجتهاد أهل الحل والعقد.

والآخر: النصُّ إمَّا على واحد بعينه، وإما على جماعة بأعيانها ويفوَّض التخيير إليهم في تعيين واحد منهم. وهذا مما أجمع عليه السلف الصالح، ولا مبالاة بخلاف أهل البدع في بعض هذه المسائل، فإنهم مسبوقون بإجماع السلف وأيضًا فإنهم لا يعتد بخلافهم" (٢).

وقد بيَّن القرطبي في أكثر من موضع أن النص على الخليفة: أي الاستخلاف كان من الصديق لعمر - رضي الله عنهما -، وأما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلم ينص على أبي بكر - رضي الله عنه - كما قال بعض العلماء، ولا على علي - رضي الله عنه - كما قالت الرافضة، حيث قال: "المعلوم عندهم - أي الصحابة رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف أحدًا، وكذلك قال عمر - رضي الله عنه -: "وإن أستخلف فقد استخلف أبو بكر" وهذا بمحضر من الصحابة وعلي والعباس - رضي الله عنهم - ولم ينكر أحد


= المسلمين على استخلاف أبي بكر بأمور متعددة من أقواله وأفعاله وأخبر بخلافته إخبار راضٍ بذلك حامدٍ له وعزم على أن يكتب بذلك عهدًا ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك، فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة لبينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعًا للعذر، لكن لما دلهم دلالات متعددة على أن أبا بكر هو المتعين وفهموا ذلك حصل المقصود". منهاج السنة لابن تيمية (١/ ١٣٩).
(١) المفهم (٤/ ١٤).
(٢) المفهم (٤/ ١٥).

<<  <   >  >>