منهم على عمر، ولا ذكر أحد من الناس نصًّا باستخلاف على أحد، فكان ذلك دليلًا على كذرب من ادعى شيئًا من ذلك إذ العادات تحيل أن يكون عندهم نص على أحد في في ذلك الأمر العظيم المهم فيكتموه مع تصلبهم في الدين وعدم تقيتهم فإنهم كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم، وكذلك اتفق لهم عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنهم اجتمعوا لذلك وتفاوضوا فيه مفاوضة من لا يتقي شيئًا، ولا يخاف أحدًا حتى قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، ولم يذكر أحد منهم نصًّا، ولا ادعى أحد منهم أنه نص عليه ولو كان عندهم من ذلك شيء لكانوا هم أحق بمعرفته ونقله، ولما اختلفوا في شيء من ذلك، ومر، العجب ألا يكون عند أحد من هؤلاء نص على ذلك ولا يذكره مع قرب العهد وتوفر الدين والجد ودعاء الحاجة الشديدة إلى ذلك، ويأتي بعدهم بأزمان متطاولة وأوقات مختلفة، وقلة علم، وعدم فهم من يدعي: أن عنده من العلم بالنص على واحد معين، ما لم يكن عند أولئك الملأ الكرام، ولا سمع منهم، وهذا محض الكذب الذي لا يقبله سليم العقل، لكن غلبت التعصب والأهواء تُورِّطُ صاحبها في الظلماء، وقد ذهبت الشيعة على اختلاف فرقها إلى أنه نص على خلافة علي - رضي الله عنه - وذهبت الراواندية إلى أنه نص على خلافة العباس - رضي الله عنه - واختلق كل واحد منهما من الكذب والزور والبهتان ما لا يرضى به من في قلبه حبة خردل من الإيمان، وما ذكرناه من عدم النص على واحد بعينه، هو مذهب جمهور أهل السنة من السلف والخلف، لا على أبي بكر ولا غيره، غير أنهم استندوا في استحقاق أبي بكر - رضي الله عنه - بالخلافة إلى أصول كلية وقرائن خالية، ومجموع ظواهر جلية، حَصَلتْ لهم العلم بأنه أحق بالخلافة وأولى بالإمامة يعلم ذلك من استقرأ أخباره وخصائصه" (١).