للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في موضع آخر: "الأحاديث الدالة على خلافة الصديق - رضي الله عنه - ليست نصوصًا في ذلك لكنها ظواهر قوية إذا انضاف إليها استقراء ما في الشريعة مما يدل على ذلك المعنى علم استحقاقه للخلافة وانعقادها له ضرورة شرعية والقادح في خلافته مقطوع بخطئه وتفسيقه، وهل يكفر أم لا؟ مختلف فيه، والأظهر: تكفيره لما استقر في الشريعة مما يدل على استحقاقه لها، وأنه أحق وأولى بها، سيما وقد انعقد إجماع الصحابة على ذلك، ولم يبق منهم مخالف في شيء مما جرى هنالك" (١).

وما ذكره رحمه الله في التشديد على من قال بالنص وتكذيبه يجري على أهل البدع من الشيعة وغيرهم من أهل أهواء.

وأما من ذهب إلى ذلك من أهل السنة فحاشاهم من ذلك، وغاية الأمر أنهم قد أخطأوا في اجتهادهم، فلا يلامون على ذلك (٢).

وقال المازري في هذه المسألة: "أما غلو الشيعة في قولهم بأن عليًّا - رضي الله عنه - وصي النبي - صلى الله عليه وسلم - فباطل لا أصل له، وأما الصديق - رضي الله عنه - فإذا أثبتنا ولايته باتفاق الصحابة عليه على وجه يوجب إمامته، فإن المحققين من أئمتنا أنكروا أن يكون ذلك بنص قاطع منه - صلى الله عليه وسلم - على إمامته، وقالوا: لو كان النص عند الصحابة لم يقع منها ما وقع عند إقامته والعقد له، ولا كان ما كان من الاختلاف فدل ذلك على أنه رأي منهم وقع فيه تردد من طائفة ثم استقر الأمر، فانجزم الرأي عليه، ويجعل هؤلاء ما وقع في هذا الحديث: "ويأبى الله والمؤمنون إلَّا أبا بكر" (٣) مع ما وقع من


(١) المفهم (٦/ ٢٤٩).
(٢) انظر: الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة للدكتور عبد الله الدميجي ص (١٣٠).
(٣) رواه البخاري في كتاب المرضى باب ما رخص للمريض أن يقول ح ٥٦٦٦ (١٠/ ١٢٨)، =

<<  <   >  >>