للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين كإقامة الصلاة، وصوم رمضان، وإقامة الحدود، ومنع ذلك، وكذلك لو أباح شرب الخمر والزنى، ولم يمنع منها لا يختلف في وجوب خلعه" (١).

وهذا القول هو الصحيح إذ الكفر سبب لخلع الحاكم بأي طريقة ممكنة، وترك العمل بكتاب الله تعالى جاء النص بأنه سبب لخلع الحاكم والخروج عن طاعته، قال لمجفه: "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله" (٢). وإباحة شرب الخمر والزنى وترك إقامة الصلاة، أو الصيام، والمنع من ذلك كلها صور للكفر بالله تعالى، وترك العمل بكتابه. فالخلاف الذي وقع بين العلماء ليس في الصور السابقة، إنما فيما يكون دون الكفر، كالفسق والظلم ونحوها.

فالقرطبي ذهب إلى عدم الخروج على الإمام الظالم والفاسق، حيث قال: "متى أجمع المسلمون على إمام فلا يخرج عليه، وإن جار ... فتشهد مع أئمة الجور الصلوات والجماعات والجهاد، والحج، وتجتنب معاصيهم ولا يطاعون فيها" (٣).

وعند قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يهلكُ أُمتي هذا الحيُّ من قريش" قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "لو أن الناس اعتزلوهم" (٤).

قال القرطبي: "هذا فيه دليل على إقرار أئمة الجور، وترك الخروج


(١) المفهم (٤/ ٣٩).
(٢) رواه البخاري في كتاب الأذان، باب إمامة العبد والمولى ح ٦٩٣ (٢/ ٢١٦).
(٣) المفهم (٤/ ٥٧)، وانظر: (٤/ ٦٦).
(٤) رواه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة ح ٣٦٠٤ (٦/ ٧٠٨)، ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت مما يرى من البلاء ح ٢٩١٧ (١٨/ ٢٥٦).

<<  <   >  >>