للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الحديث وما سبق ذكره عن بيان فضل الصحابة ومكانتهم يدل على تفضيل الصحابة - رضي الله عنهم - على كل من جاء بعدهم ففضل الصحبة لا يعادله شيء، وهذا هو الذي ذهب إليه جمهور العلماء من السلف والخلف، قال ابن تيمية: "قال غير واحد من الأئمة: أن كل من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل ممن لم يصحبه مطلقًا" (١).

وهذا هو الذي رجَّحه القرطبي عند شرحه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وددت أنَّا قد رأينا إخواننا" قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: "أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد" (٢). حيث قال: "قد أخذ أبو عمر ابن عبد البر - رحمه الله - من هذا الحديث ومن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من ورائكم أيامًا الصبر فيهن مثل القبض على إلى جمر للعامل فيهن أجر خمسين منكم" (٣) أنه يكون فيمن يأتي بعد الصحابة من يكون أفضل ممن كان في جملة الصحابة، وذهب معظم العلماء إلى خلاف هذا، وأن من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورآه ولو مرة من عمره أفضل من كل من يأتي بعدُ، وأن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل، وهو الحق الذي لا ينبغي أن يصار لغيره لأمور:

أولها: مزية الصحبة ومشاهدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وثانيها: فضيلة السبق للإسلام.

وثالثها: خصوصية الذَّب عن حضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


= الله عنهم ح ٢٥٤٠ (١٦/ ٣٢٦).
(١) الفتاوى (٤/ ٥٢٧).
(٢) رواه مسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء ح ٢٤٩ (٣/ ١٤٠).
(٣) رواه الترمذي في أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة، وابن ماجة في كتاب الفتن، باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ص (٣٤٦) رقم الحديث (٢٣٤٤).

<<  <   >  >>