للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - فاطمة بنت قيس -رضي الله عنها-:

دافع القرطبي -رحمه الله- عن هذه الصحابية الجليلة ممن اتهمها بسلاطة اللسان، وإيذاء الجيران، حيث قال: "إنما أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة أن تخرج من البيت الذي طلقت فيه لما ذكره مسلم في الرواية الأخرى من أنها خافت على نفسها من عورة منزلها، وفيه دليل على أن المعتدة تنتقل لأجل الضرورة وهذا أولى من قول من قال: إنها كانت لسنة تؤذي زوجها وأحماءها بلسانها، فإن هذه الصفة لا تليق بمن اختارها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحبه وابن حبه (١) وتواردت رغبات الصحابة عليها حين انقضت عدتها، ولو كانت على مثل تلك الحال لكان ينبغي ألا يُرغب فيها ولا يُحرص عليها أيضًا: فلم يثبت بذلك نقل مسند صحيح ... ويا للعجب كيف يجترئ ذو دين أن يقدم على غيبة مثل هذه الصحابية التي اختارها النبي -صلى الله عليه وسلم- لحبه ابن حبه لسبب خبر لم يثبت وأعجب من ذلك قول بعض المفسرين في قوله تعالى: {وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٢) إنها نزلت في فاطمة لأنها كانت فيها بذاذة لسان وأذى للأحماء وهذا لم يثبت فيه نقل ولا يدل عليه نظر فذكر ذلك عنها ونسبته إليها غيبة أو بهتان (٣).

وقال أيضًا: ويغفر الله تعالى لسعيد بن المسيب ما وقع فيه حيث قال في هذه الصحابية المحتارة: تلك امرأة فتنت الناس إنها كانت لسنة فوضِعَت على يد ابن أم مكتوم وروى عنه أيضًا أنه قال: تلك امرأة استطالت على أحمائها فأمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تنتقل فلقد أفحش في القول


(١) وهو أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما.
(٢) سورة الطلاق، الآية: ١.
(٣) المفهم (٤/ ٢٦٩).

<<  <   >  >>