للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحقيقته" (١).

والرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يَعْلَم بحقيقة ابن صياد هل هو الدجال أم لا؟ .

ولذا قال: -صلى الله عليه وسلم- لعمر حينما استأذنه في قتل ابن صياد: "إن يكنه فلن

تسلط عليه، وإن لم يكنه فلاخير لك في قتله" (٢).

قال القرطبي: "هذا يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتضح له شيء من أمر

كونه هو الدجال أم لا؟ وليس هذا نقصًا في حق النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لم يكن

يعلم إلَّا ما علمه الله، وهذا مما لم يعلمه الله تعالى به، ولا هو مما تُرهِق

إلى علمه حاجة لا شرعية ولا عادية ولا مصلحية، ولعل الله تعالى قد علم

في إخفائه مصلحة فأخفاه، والذي يجب الإيمان به: أنه لابد من خروج

الدجال يدعى الإلهية، وأنه كذاب أعور كما جاء في الأحاديث الصحيحة

الكثيرة التي قد حصلت لمن عاناها العلم القطعي بذلك (٣).

من ينجو من فتنته:

الذي ينجو من فتنة الدجال هو الذي صدق في إيمانه وتوكله على

الله سبحانه، قال القرطبي: "لا شك في أن من صح إسلامه في ذلك

الوقت أنه يكفى تلك الفتن ... قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (٤) أي: كافيه مشقة ما توكل عليه فيه، وموصله إلى ما يصلحه منه، ومع هذا فقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ما يقرؤه على الدجال فيؤمن من

فتنته وذلك عشر آيات من أول سورة الكهف أو آخرها على اختلاف في

ذلك، والاحتياط والحزم يقتضي أن يقرأ عشرًا من أولها، وعشرًا من


(١) انظر: المفهم (٧/ ٢٦٢، ٢٧٠، ٢٧٢).
(٢) هو جزء من الحديث الذي سبق تخريجه في تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- من الدجال ص (٧٧٦).
(٣) المفهم (٧/ ٢٦٥).
(٤) سورة الطلاق، الآية: ٣.

<<  <   >  >>