للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تُصَلِّي))، قال: وهذا يدل على أن الحيض خمسة عشر يومًا ويكون الطهر خمسة عشر يومًا؛ لأنه أقل الطهر فيكون الحيض نصف عمرها ولو كان أكثر الحيض أقل من ذلك لم توجد امرأة لا تصلي نصف عمرها. فيقال له: لم يرو أحد ((نِصْفَ عُمْرِهَا)) وإنما رُوي على وجهين أحدهما: ((شطرَ عُمْرِهَا)) والآخر: ((تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ الأيام واللَّيَالِيَ لَا تُصَلِّي)).

فأما ذكر ((نِصْف عُمْرِهَا)) فلم يوجد في شيء من الأخبار.

وقوله ((شطرَ عُمْرِهَا)) لا دلالة فيه على أنه أراد النصف؛ لأن الشطر هو بمنزلة قوله (طائفة) و (بعض) ونحو ذلك (١). قال الله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤]، وإنما أراد ناحيته وجهته ولم يرد نصفه، وقد بُيِّن مقدارُ ذلك الشطر في قوله صلى الله عليه وسلم: ((تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ الأيام واللَّيَالِيَ لَا تُصَلِّي)) " (أحكام القرآن ٢/ ٢٩).

قلنا: كذا زعم أن رواية ((شطرَ عُمْرِهَا)) هي المروية، وكلا الروايتين لا أصل لهما ولا وجود لهما في شيء من المصادر والروايات، فيما وقفنا عليه.

- وقد قال بذلك عدد كبير من الأئمة والحفاظ على مختلف العصور:

فقال ابن منده - عقب إخراجه حديث أبي سعيد المتقدم -: "وذكر بعضهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((تَمْكُثُ نِصْفَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي))، ولا يثبت هذا من وجه من الوجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم" (الإمام لابن دقيق العيد ٣/ ٢١٣).


(١) كذا قال، والمشهور في اللغة أن الشطر: النصف، فلا يصرف عن ذلك إلا بقرينة. وأجاب عن ذلك أيضًا الفخر الرازي بأن الشطر هو النصف، يقال: شطرت الشيء أي جعلته نصفين، ويقال في المثل: أجلب جلبا لك شطره، أي نصفه. (التفسير ٦/ ٤١٧).