فإن خرج من نص ونقل إلى مسألة فيها نص يخالف ما خرج فيها، صار فيها رواية منصوصة ورواية مخرجة منقولة من نصه إذا قلنا المخرج من نصه مذهبه، وإن قلنا: لا، ففيها رواية لأحمد ووجه لمن خرجه. فإن خالفه غيره من الأصحاب في الحكم دون طريق التخريج ففيها وجهان، ويمكن جعلها مذهبًا لأحمد بالتخريج دون النقل لعدم أخذهما من نصه، وإن جهلنا مستندهما فليس أحدهما قولًا مخرجًا للإِمام ولا مذهبًا له بحال.
فمن قال من الأصحاب هنا "هذه المسألة رواية واحدة" أراد نصه، ومن قال:"فيها روايتان"، فإحداهما بنص والأخرى بإيماء أو تخريج من نص آخر له أو بنص جهله منكره، ومن قال:"فيها وجهان"، أراد عدم نصه عليهما فلا يعمل إلَّا بأصح الوجهين وأرجحهما.
وأما القولان فقد يكون الإِمام نص عليهما أو نص على أحدهما وأومأ إلى الآخر، أما التخريج فهو نقل حكم مسألة إلى ما يشبهها والتسوية بينهما فيه، وأما الوقف فهو ترك الأخذ بالأول والثاني والنفي والأثبات إن لم يكن فيها قول لتعارض الأدلة وتعادلها عنده فله حكم ما قبل الشرع.
وهناك اصطلاحات أخرى نبينها في محلها عند التعامل مع "المنوَّر" و"المحرّر" عن قرب منها مثلًا: "ظاهر المذهب" ومن صيغها "الأظهر" و"في ظاهر المذهب"، ومنها "الصحيح" ومن صيغها "على الصحيح" و"هو الصحيح" و"على الأصح"، ويقول ابن مفلح في مقدمته على "الفروع" أن قوله: "الأصح"، أي: أصح الروايتين، وقوله:"على الأصح"، أي: أصح الوجهين، ومنها "المشهور" ومن صيغها "المشهور في المذهب"، و"على الأشهر" أو "وهو الأشهر أو الأظهر" وغير ذلك.