وأجاب بأن اللغة تثبت بقول أئمة اللغة وكون الناقل من أهل الاجتهاد لا يقدح في ذلك لأن احتمال الاجتهاد مرجوح ونقل اللغة راجح والمرجوح لا يقدح في الراجح.
وفيه نظر لأن جهة النقل إنما تكون راجحة إذا كانت جهة كون الناقل لغويا أقوى من جهة كونه مجتهدا وهو ممنوع. سلمناه لكن إنما يكون حجة أن لو كان ذلك لغة العرب كلهم وهو ممنوع فإن لغة بعض العرب ليست بحجة على غيره.
وعورض بمذهب الأخفش فإنه نقل عنه أن تعليق الحكم على إحدى صفتي الذات لا يدل على نفي ما عداها.
وأجاب بأن هذا لا يصلح أن يكون معارضا لما ذكرنا لأن هذا المذهب لم يثبت عن الأخفش كما ثبت خلافه عن الشافعي وأبي عبيد ولو سلم ثبوت هذا المذهب عن الأخفش كثبوت مذهبهما لكن من ذكرناه وهو الشافعي وأبو عبيد أرجح لأنهما أفضل.
وفيه نظر لأن الأفضلية إن كانت من حيث النقل ممنوع وإن كان من حيث العلم والاجتهاد فلا يفيد. ولو سلم عدم رجحانهما فالدليل الذي ذكرناه راجح على الذي ذكرتم لأن دليلنا مثبت ودليلكم ناف والمثبت أولى.
وفيه نظر لأن الصحيح من مذهبنا أن المثبت والنافي يتعارضان.
ص - وأيضا لو لم يدل على المخالفة لم يكن لتخصيص محل النطق بالذكر فائدة وتخصيص آحاد البلغاء لغير فائدة ممتنع. فالشارع أجدر واعترض: لا يثبت الوضع بما فيه من الفائدة.