للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحكمة لم تكن ظاهرة لله - تعالى - فظهرت لزم البداء لأنا نعني به ظهور ما لم يكن ظاهرا وإن لم يكن كذلك لزم العبث

وأجاب بأن هذه الشبهة مبناها أن أفعال الله - تعالى - تابعة للحكمة والمصلحة وهو قضية الحسن والقبح العقليين وقد تقدم بطلانه.

سلمنا صحة ذلك لكن لاشك في أن المصالح تختلف باختلاف الأزمان والأحوال كمنفعة شرب دواء في وقت وضرره في آخر فيجوز أن يعلم الله استلزام الأمر بالفعل في وقت لمصلحة واستلزام نسخة في وقت آخر لمصلحة أخرى. فلم يتجدد ظهور ما لم يكن.

ولقائل أن الزمان متجدد لا محالة والمصالح تختلف بتجدده والحكم يتغير من حرمة إلى حل أو بالعكس بحسبها فما وجه قوله لم يتجدد ظهور ما لم يكن؟

ويجاب بأن المراد تجدد الظهور بالنسبة إلى علم الله ولم يكن إذ ذاك.

الثالثة: أن المفروض جواز نسخه إما أن يكون مقيدا بوقت معين أو دالا على التأبيد فإن كان الأول فإنه ينتهي بانتهاء ذلك الوقت ومثله لا يسمى منسوخا فلا نسخ.

وإن كان الثاني فلا يقبل النسخ لأربعة أوجه:

الأول: التناقض فإن النسخ يدل لى أن الحكم غير مؤبد ونسخ التأبيد المفروض يدل على أنه مؤبد فكان مؤبدا غير مؤبد.

والثاني: تعذر الإخبار بالتأبيد لأن الخبر الذي يدل عليه تأبيد إن جاز نسخه لم يبق طريق إلى الإخبار عن التأبيد فإن كل فرضته مؤبدا جاز طريان النسخ عليه.

والثالث: إن المؤبد لو قبله أدى إلى نفي الوثوق بتأبيد حكم ما لجواز طريان النسخ عليه.

ولقائل أن يقول هذا الوجه مستدرك لأن ما قبله يدل على أنه لا يتحقق الإخبار بالتأبيد والوثوق عليه بعد تحققه.

والرابع: أنه لو قبله أدى إلى جواز نسخ شريعتكم لأنكم تزعمون أنها منصوص عليها بالتأبيد والفرض أن التأبيد لا يمنع جواز النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>