وأجيب بما تقريره نختار أن يكون دالا على التأبيد ونمنع عدم قبوله النسخ وأن تقييد الفعل الواجب بالتأبيد لا يمنع النسخ كما أن تقييده بوقت معين مثل أن تقول:
صم رمضان، لا يمنع النسخ قبله بل المقيد بالتأبيد أجدر لأنه إذا جاز إبطال المعين المنصوص عليه فلأن يجوز غير المعين أولى ولا يلزم التناقض لأن صم رمضان أبدا بالنص.
" أي بالتنصيص عليه " يوجب أن تكون الرمضانات كلها متعلق الوجوب على معنى أن وقت الصوم هو هذا الشهر أبدا لا شوال ولا شعبان ولكن لا يدل على استمرار الوجوب لأن الأبد تعلق بالوقت لا بالوجوب فإذا نسخ بعد ما قيل: صم رمضان أبدا، لا يلزم التناقض كما لو مات بعد الخطاب إذ كان الأبد لتعيين الوقت لا للوجوب وعلى هذا فلا يخفى عدم التناقض.
نعم إذا قيل صم رمضانا , وصومه باق أبدا لا يقبل النسخ فلو نسخ بعده تناقض.
هذا ما سنح لي في حل هذا المقام. ولبعض الشارحين ترتيب لهذا المكان ولست بصدد بيانه.
وعلى هذا يكون كل تأبيد متعلق للوجوب مانعا للنسخ. وأما ما يمكن أن يكون متعلقا بوقت الواجب فلا يكون مانعا فتندفع الأوجه النافية بأنا إنما نجوز النسخ في المؤبد إذا كان التأبيد متعلقا بالوقت والتأبيد المعلق بالإخبار عن دوام شريعتنا متعلق بها لا بوقتها.
ولو أجاب عن هذه الشبه بأن القسمة غير حاصرة فإن ثمة قسما آخر وهو ما لا يكون مقيدا بوقت ظاهرا ولا يكون مؤبدا وهو محل النسخ كان أسلم وأسهل.
الرابعة: أنه لو جاز لجاز إما قبل وجود الفعل أو بعده أو معه والأولان معدومان والمعدوم لا يرفع فكان باطلا , والثالث أجدر بالبطلان لاستحالة توارد النفي والإثبات على محل واحد في حالة واحدة.