فإن قيل: المذكور هو الأسماء؛ فإنه قال:(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا)، ولم يذكر غيرها، وقال:(ثُمَّ عَرَضَهُمْ) فدل على أن الضمير للأسماء، لئلا يلزم الاضمار قبل الذكر، وتعين أن يراد بها المسميات.
فالجواب: أن مفهوم الأسماء مفهوم مضاف يدل على المسميات، فيكون المراد بالأسماء أنفسها، وبالضمير المسميات تغليبا، فإن ضمير (عرضهم) لا يصلح للأسماء لا حقيقة ولا تغليبا.
ولقائل أن يقول: أصل السؤال والجواب لم يصدر عن تحصيل، وذلك لأن التعليم سواء كان للأسماء أو المسميات، هل كان بألفاظ أو بغيرها؟ فإن كان الأول، عاد الترديد (بأنها) توقيفية أو توفيقية وإن كان الثاني، فلا فائدة في العدول عن الأسماء إلى المسميات، على أن قولهم: علم أن الخيل حقيقته كذا، وصفته كذا، والجمل كذا وغيره كذا، يدل على أن ثمة هذه الحروف التي هي في الأسماء فكانت ألفاظا فينتقل الكلام إليها.
واستدل -أيضا- على مذهب الأشعري بقوله -تعالى-: (وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ) والمراد به اللغات؛ لأنه لا يجوز أن يراد بالألسنة الجوارح، لأن اختلافها في أجرامها لا يبلغ إلى أن يكون آية، فتكون اللغات مخلوقة فكانت توقيفية.
وزيفه المصنف: بأن التوقيف، والإقدار على وضعها سواء في كون كل منهما آية فجاز أن يكون المراد به الإقدار مجازا.
ورد: بأن إطلاق الألسنة على اللغات متعارف دون الإقدار على اللغات.