وضعف المصنف هذا الاستدلال بوجوه منها: أن هذا الدليل تشكيك في الضروريات, لأنا قاطعون بأن فعل العبد اختياري, للقطع بالتفرقة بين الضرورة والاختيار, فإن الضرورية [تصدر] عن العبد, إن أبى, كحركة الإنسان إلى أسفل بالقسر. والاختيارية لا تصدر إذا أبى, كحركته بالإرادة في السطوح المستوية, والتشكك في الضروريات لا يستحق الجواب.
ولقائل أن يقول: هذا لا [يستقيم] على مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري, لأن أفعال العباد عنده , كحركات المرتعش.
ومنها: نقض إجمالي, وهو أن يقال: لو صح الدليل الذي ذكرتم على أن فعل العبد غير مختار, لزم أن يكون فعل الله -تعالى- غير مختار؛ لأنه إما أن يكون لازما أو جائزا, والأول ضروري, والثاني إن افتقر إلى مرجح عاد التقسيم, وإن لم يفتقر كان اتفاقيا, والكل غير مختار, لكنه مختار فلا يكون الدليل صحيحا ولقائل أن يقول: إن التزم الخصم ذلك في مقام المناظرة بناء على مذهب الحكيم اندفع النقض.
ومنها -أيضا-: نقض إجمالي, وهو أن الدليل المذكور لو كان صحيحا بجميع مقدماته لم يوصف فعل العبد بالحسن والقبح شرعا, لأن فعل العبد غير مختار لما ذكرتم وغير المختار لا يتصف بالحسن والقبح شرعا بالإجماع.
ولقائل أن يقول: دعوى الإجماع باطلة؛ لأن أبا الحسن الأشعري يقول باضطرارية أفعال العباد, ويقول باتصافها بهما شرعاً.