والكفران معلوم لنا من غير نظر إلى عرف أو شرع أو برهان, وكل ما هو كذلك فهو ذاتي لفرض عدم خارج أصلا.
وإذا كانا ذاتيين في ذلك, كانا في غيرهما كذلك لعدم القائل بالفصل.
وأجاب المصنف: بأنا لا نسلم أنهما في هذه الأمور معلومان لنا بالضرورة, بل علم بما ذكر من العرف أو الشرع أو البرهان, لأنا لو قدرنا أنفسنا خالية عن موجبات الشرع والعرف والبرهان, وعرضنا هذه الأمور لم نجزم بحسنها ولا بقبحها.
ولقائل أن يقول: إذا حققنا الخلاف قبل الشرع في لم يتعارفوا ذلك وليسوا من أهل البرهان, لم يلزم من ذلك محال, فكان ممكنا, ولا مبدأ له إلا الذات فكان ذاتيا, على أن البرهان يستلزم ذلك لا محالة.
ألا ترى إلى قولنا: الإيمان شكر المنعم, وشكر المنعم حسن؛ فإنه إما أن يظهر ما خفي على الخصم من أنه ذاتي للإيمان, أو يثبت له الحسن, ولا سبيل الثاني عندهم, لأن العقل غير مثبت فتعين الأول, ويثبت به المطلوب.
واستدلوا -أيضا-: بأن الصدق والكذب إذا استويا في جميع الأمور التي يمكن أن تكون متعلقة [٥١/ب] بغرض العاقل بحيث لا يختلفان إلا بكون أحدهما صدقا والآخر كذبا مع قطع النظر عن كل خارج من عرف وشرع وبرهان آثر العقل الصدق, ولا مبدأ إلا الذات فكان ذاتيا.
وأجاب المصنف: بأن التقدير محال, لاستحالة تساوي المتنافيين في جميع الصفات, والمحال جاز أن يستلزم محالا آخر.
ولو سلم أنه ليس بمحال, لكنه يفيد المطلوب في الشاهد دون الغائب,