فكل ذلك نظري فحينئذ يقول المعاند: لا أنظر في معجزتك حتى يجب علي النظر, ولا يجب علي النظر فيها حتى أنظر, فيلزم الدور.
فكل ما يجعل المعتزلة جوابا لهم , فهو جوابنا. وفيه نظر؛ لأن لهم أن يوجهوا الإفحام على هذا الوجه: وجوب النظر شرعي فلا يثبت إلا به, والعقل لا مدخل له في ثبوت الشرع فلا بد للشرع من شرع آخر ويتسلسل أو يدور, وهذا ليس بمشترك الإلزام.
وثانيا: بأن النظر في المعجزة لا يتوقف على وجوب النظر, لإمكان أن ينظر العاقل قبل تعلق الوجوب به.
ولئن سلمنا أن النظر يتوقف على وجوبه, لكن وجوبه لا يتوقف على نظر العاقل, بل إنما يكون بالشرع عندنا, فوجوب النظر على العاقل متحقق في نفس الأمر, نظر أو لم ينظر, ثبت الشرع أو لم يثبت. ولا امتناع في ذلك, غايته أنه تكليف الغافل عن وجوب ما كلف به عليه, وهو جائز في هذه الصورة للضرورة.
ولقائل أن يقول: وجوب النظر في معرفة الله بالشرع دور, أو تسلسل وبالعقل هو المطلوب.
وقالوا -أيضا-: لو كان شرعيا لجاز ظهور المعجزة من الكاذب, واللازم باطل بالضرورة, فالملزوم كذلك.
بيان الملازمة: أنه لو كان كذلك لحسن من الله كل شيء ولو حسن من الله كل