عن حكمة وإلا كان عبثاً، والحكمة منه حصول الفائدة وهي لا تكون للخالق لتعاليه عنها فتعين المنتفع به لها بالالتذاذ أو الاجتناب، أو الاستدلال على الصانع، وكل ذلك بالتناول فكان مباحاً وفيه نظر؛ لأنه مبني على نفي العبث وقد عرفت ما فيه.
وقوله: وكل ذلك بالتناول. ليس بصحيح؛ لأن الاستدلال قد يكون من جهة الباصرة لا من جهة الذائقة.
وأجاب المصنف بمعارضة ومناقضة:
أما المعارضة: فبأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه فيحرم وفيه نظر، أما أولاً: فلأنه أبطله حين استدل به القائل بالحظر. وأما ثانياً: فلأن الحاكم بالحرمة غير موجود.
وأما المناقضة: فهي أنا نمنع عدم الانتفاع بدون التناول، لجواز أن يكون خلقه ليصبر المكلف على ترك التناول فيثاب على الصبر. وفيه نظر؛ لأن الحاكم بهذا الجواز إما العقل أو الشرع، والفرض خلافهما.
وقوله:{{وإن أراد الواقف}} بيان إبطال مذهب الواقف.
وتقريره: الواقف عن الحكم بالحظر والإباحة، إن وقف لتعارض أدلة الحظر والإباحة ففاسد؛ لأن التعارض إنما يكون بين موجودين وقد بينا بطلانهما. وإن وقف لأن الحكم بهما موقوف على الشرع، والمفروض خلافه كان حقاً وفيه نظر؛ لأن الوقف لذلك مناقض لمذهبهم، فكيف يقف به؟ على أن القسمة غير حاصرة، لجواز أن يقف باعتبار أن [٥٤/ب] المُحَسّن إننا هو العقل، والفرض في أفعال لا تدخل تحت حكمه فلا بد من الوقف.