ولئن سلم أنه ليس بالشرع بل بالعقل ولكنه [٥٤/أ] حرام إذا تضرر الغير به، وأما إذا لم يتضرر كالاستضلال بجدار الغير والاقتباس بناره فلا. ولئن سلم حرمته مطلقاً، لجواز أن يتضرر المتصرف به آجلاً، لكنه معارض بالضرر الناجز، أي الحاضر؛ فإن الترك يوجب الضرر في الحال، ودفعه واجب. وهذا كله باطل؛ لِمَا مَرّ من عدم الحاكم.
ص ــ وإن أراد المبيح أن لا حرج، فمسلم. وإن أراد خطاب الشارع فلا شرع. وإن أراد حكم العقل بالتخيير فالفرض أنه لا مجال للعقل فيه.
قالوا: خلقه وخلق المنتفع به، فالحكمة تقتضي الإباحة.
قلنا: إنه معارض بأنه ملك غيره وخلقه ليصبر فيثاب. وإن أراد الواقف أنه وقف لتعارض الأدلة ففاسد.
ش ــ هذا إبطال مذهب القائل بالإباحة.
وتقريره: المبيح إن أراد بكونه مباحاً أن لا حرج في الفعل والترك فهو مسلم لعدم الحاكم بالحرج، وإن أراد بالإباحة خطاب الشارع وهو الإذن الشرعي في الفعل مع نفي الحرج فلا إباحة قبل الشرع، وإن أراد بالإباحة حكم العقل بالتخيير بين الفعل والترك، فلا إباحة؛ إذ الكلام في الأفعال التي ليس للعقل فيها مدخل.
وفيه نظر؛ لجواز أن يلتزم الخصم الوجه الأول، وحينئذٍ يكون الإبطال باطلاً.
وقال القائلون بالإباحة: خلق ما ينتفع به، وخلق من ينتفع به وذلك لا يخلو