وذهب آخرون: إلى أن الواجب واحد معين عند الله، لكن يسقط الوجوب به وبغيره من الأمور المتعددة.
وحاصله: جوازه مقطوع به عقلاً، وكل ما هو كذلك وجب القول باستقامته.
وفيه نظر؛ لأن العقل عند الأشاعرة غير مثبت لشيء فكان تحريره غير معتبر. والنص دلّ عليه، أي على جوازه سمعاً.
أما الأول: فلأن السيد إذا قال لعبده: أمرتك أن تخيط هذا الثوب أو تسقي هذا البستان اليوم أيهما فعلت اليوم اكتفيت به، وإن تركتهما عاقبتك، وليس مرادي أن تجمع بينهما، بل أمرتك أن تفعل واحداً منهما لا بعينه، ولا يمكن في هذا أن يقال: إنه لم يأمر بشيء لأنه هدد بالعقاب على تركه، ولا أنه أمر بالجميع؛ لأنه صرح بنقيضه ولا واحداً بعينه؛ لأنه صرّح بالتخيير، فتعين أن يكون المأمور واحداً لا بعينه.