ولقائل أن يقول: واحد لا بعينه من أمور لا يتعدد أصلاً.
فقوله:{{إن تعددا لزم التخيير}} يكون فرض محال، فجاز أن يستلزم محالاً آخر، ولو فرض جواز تعدده بطل الملازمة، لفساد بيانه وهو قوله: الكلام في الواجب المخير، فإذا كان الواجب المخير واحداً كان المخير فيه واحداً.
وقوله: يلزم التخيير بين الواجب وغيره، غير مستقيم؛ لأن شيئاً منها قبل التخيير لم يكن واجباً، حتى يلزم التخيير بين الواجب وغيره، والجمع بين المتنافيين في شيء واحد محال إذا اتحدت الجهة، وما نحن فيه ليس كذلك على ما سيظهر.
وأجاب المصنف بما معناه: ما ذكرتم يلزمكم في التوكيل بإعتاق واحد من أوقاته، وتزويج المرأة من أحد الخاطبين، فإن الواجب اعتاق واحد لا بعينه، وتزويجها من أحدهما لا بعينه، وكل ما هو جواب لكم عن هاتين الصورتين فهو جوابنا عن صورة النزاع.
ولقائل أن يقول: كلامهم في الواجب المخير وليس في الصورتين وجوب؛ لأن التوكيل عقد غير لازم، ولهذا جاز للمأمور أن لا يفعل شيئاً من ذلك، ويجوز أن تكونا متفرعتين على أصل آخر غير هذا الأصل، وقد أشرنا إلى نبذ من ذلك.
وقال:{{والحق أن الذي وجب لم يخير فيه}} لما كان جوابه إقناعياً، أشار إلى ما هو الحق، يعني أن الواجب غير مخير فيه؛ لأن الواجب واحد من الثلاثة من حيث هو واحد لا بعينه، والمخير فيه معين وهو كل من الثلاثة على التعيين وهو غير واجب.
ولقائل أن يقول: الكلام في الواجب المخير، ولا يجوز أن يكون المخير في غير الواجب؛ لأن جر صفة على الواجب، ولا يجوز أن يشتق لشيء والفعل غير قائم