لنا: لو لم يصح لم يعص أحد أبداً؛ لأنه لم يحصل شرط وقوعه من إرادة قديمة أو حادثة.
وأيضاً: لو لم يصح لم يعلم تكليف؛ لأنه بعده، ومعه ينقطع، وقبله لا يعلم. فإن فَرَضه متسعاً فرضنا زمناً زمناً، فلا يعلم أبداً. وذلك باطل.
وأيضاً: لو لم يصح [لم] يعلم إبراهيم ــ صلى الله عليه وسلم ــ وجوب الذبح والمنكر معاند.
وقال القاضي: الإجماع على تحقق الوجوب والتحريم قبل التمكن.
ش ــ المسألة الثالثة: في أنه هل يصح التكليف بفعل علم الآمر انتفاء شرط وقوع ذلك الفعل عن المكلف عند وقته أو لا.
فذهب الجمهور إلى صحته، وفرعوا على ذلك علم المكلف قبل وقت الفعل أنه مكلف به، فلو لم يصح التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه من المكلف، لم يتمكن من العلم بكونه مكلفاً به قبل الوقت؛ ضرورة توقف العلم قبل الوقت بكونه مكلفاً به، على العلم بتحقق شرط وقوع الفعل منه عند الوقت.
ولقائل أن يقول: إن أريد بالمكلف المقلد الذي لم يدرك هذا المعنى فمسلم، ولكنه لا يتناول الجميع فلا يصلح دليلاً، وإن أريد المجتهد الذي أدرك هذا المعنى فممنوع، لجواز أن لا يقطع بكونه مكلفاً قبل الوقت لتردده في وقوع شرط الفعل المكلف به.
وأن يقول: إن هذه المسألة راجعة إلى أن الامتناع بالغير هل ينافي التكليف أو لا؟ وقد تقدم، فكانت يستغنى عنها.