وأمّا التكليف بما جهل الآمر انتفاء شرط وقوعه من المكلف عند الوقت فصحيح بالإتفاق، كما إذا قال السيد لعبده:{{صم غداً}} فإن هذا مشروط ببقاء العبد غداً، وهو مجهول للآمر.
واستدل المصنف على مذهب الجمهور بثلاثة أوجه:
الأول: لو لم يصح ذلك لم يعص أحد من المكلفين أبداً بترك ما أمر به أو نهي عنه؛ لأن وقوع كل فعل مشروط بإرادة قديمة هي إرادة الله ــ تعالى ــ كما هو مذهب أهل الحق، أو بإرادة حادثة هي إرادة الخلق كما هو مذهب المعتزلة. فإذا ترك المكلف الفعل فقد علم الله ــ تعالى ــ أنه لا يريد وقوع ذلك الفعل منه.
والفرض أن لا تكليف عند العلم بانتفاء شرط وقوع الفعل، وإذ لا تكليف فلا عصيان، لكن التالي باطل بالإجماع فيلزم بطلان المقدم هذا على تقدير الإرادة القديمة.
وأمّا على الإرادة الحادثة فيقال: علم الله ــ تعالى ــ أن المكلف لا يريد أن يفعل فيكون عالماً بانتفاءِ شرط وقوع الفعل فلا يكون مكلفاً بذلك الفعل فلا يكون عاصياً.
والثاني: لو لم يصح، لم يُعْلم تكليف أصلاً؛ لأنه ينقطع بعد الفعل اتفاقاً ومعه عند المعتزلة، والمنقطع معدوم، والمعدوم لا يعلم تكليفاً وإلا لكان العلم على خلاف الواقع فلا يكون علماً. وقبل الفعل لا يجزم بوقوع الشرط عند وقت الفعل،