ش ــ المانعون مطلقاً قالوا: الفصل بين عيب وعيب في جواز الفسخ مخالف للإجماع؛ لأنه لم يفصل بينهما أحد من الفريقين.
وأجيبوا: بأن الفرقتين لم تقل واحدة منهما بالفصل، ولكن عدم القول بالفصل ليس قولاً بعدم الفصل، وإلا لامتنع القول بحكم واقعة متجددة لم يكن فيها قول لمن سبق؛ لأن عدم القول قول بالعدم، لكنه ليس كذلك، فلم يكن القول بالفصل مخالفاً للإجماع، ويتحقق ما ذكرنا أن عدم القول بالفصل لا يستلزم القول بنفي الفصل بمسألتي الذمي والغائب. فإن الفصل جوّز فيهما وإن لم يقل واحد من الفريقين به.
ولقائل أن يقول: الكلام فيما اختلف أهل العصر على قولين:
في مسألة واستقرت المذاهب على ذلك، هل يكون إجماعهم نفياً لثالث، أو لا.
والواقعة المتجددة ليست من ذلك، وإن نفي الثالث ليس مستنداً إلى عدم قولهم حتى يقال: عدم القول ليس قولاً بالعدم وإنما هو مستند إلى استقرارهم على القولين، وذلك معنى آخر غير عدم القول بالضرورة.
وأمّا مسألة الذمي والغائب فقد تقدم الكلام عليهما.
وقال المانعون مطلقاً ــ أيضاً ــ القول بالفصل يستلزم تخطئة كل من الفريقين؛ لأن القول الثالث مخالف لكل منهما في بعض ما ذهبوا إليه، وذلك تخطئة لكل الأمة؛ لأن الفريقين كل الأمة، وذلك غير جائز؛ لأنهم معصومون عنها بما مرّ من السمع.