يتوجه الذم لمساغ أن يقول منعني كونه لم يجب على الفور. وأجاب بأنه اقتضى الفور بقرينة قوله:(فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له سجدين) فإنه دل على وجوب السجود عقيب التسوية ونفخ الروح ولا يلزم منه أن يكون الأمر المطلق مفيدا للفور.
وفيه نظر فإنه ليس في الآية إلا دلالة وقوع السجود من الملائكة عقيبهما , والوقوع عقيبهما إما أن يكون قبل الأمر أو بعده , والأول ليس مما نحن فيه لكونه غير مأمور به , والثاني يفيد المطلوب.
السادس: لو كان التأخير مشروعا لوجب أن يكون إلى وقت معين عند المكلف وإلا لزم تكليفه بعدم تأخير الواجب عن وقت لا يعلمه وهو تكليف بما لا يطاق لكن لا يجوز أن يكون التأخير إلى وقت معين لأن ذلك الوقت ليس إلا وقتا يغلب على ظن المكلف أنه لا يعيش بعده , لأن القائلين بالتراخي قائلون به لكن لا بد لغلبة ظنه من دليل وهو إما كبر السن أو مرض شديد لكن كثير من المكلفين يموتون دونهما.
وأجاب أولا: بنقض إجمالي وهو أن هذا الدليل منقوض بما إذا صرح للمكلف بجواز التأخير مثل أن يقول صل متى شئت , فإنه يطرد هذا الدليل فيه مع أنه للتراخي بالاتفاق.
وثانيا: بنقض تفصيلي منع الملازمة. وتقريره لا نسلم أنه إذا لم يجب التأخير إلى وقت معين عند المكلف لزم تكليف ما لا يطلق وإنما يلزم ذلك أن لو كان التأخير متعينا , وليس كذلك لجواز الاتيان بالمأمور به على الفور فإن المراد بالتراخي هو أن لا يكون الفور لازما لا أن لا يجوز.
السابع: أن يقال فعل المأمور به من الخيرات وسبب للمغفرة ومثله يجب الإتبان به على الفور لقوله تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) أمر بالمسارعة والأمر للوجوب.