ذلك كالعلم والإرادة فإنه يجوز وجود العلم مع ضد الإرادة وهو الكراهة ومع خلافها وهو المحبة وعكسه وهو جواز الجهل مع الإرادة ومع السخاوة التي هي خلاف العلم. لكن يستحيل اجتماع الأمر بالشيء مع ضد النهي عن الضد وهو الأمر بالضد لأنه يلزم الأمر بالشيء والأمر بضده وذلك أمر بالنقيضين إن كان الضدان نقيضين , أو الأمر بالمتنافيين إن لم يكونا كذلك وذلك تكليف ما لا يطاق. فلا يكون الأمر بالشيء والنهي عن ضده خلافين. وإذا بطل الأقسام الثلاثة بطل التالي.
وأجاب المصنف عن هذا الوجه بأن القاضي إن أراد بطلب ترك الضد الذي هو المعنى بالنهي عن الضد طلب الكف عن الضد يختار أنهما خلافان حينئذ , ويمنع إذ ذاك ما يجعل القاضي لازم الخلافين , وهو اجتماع الخلاف مع ضد الخلاف , وخلاف الخلاف لأن الخلافين قد يكونان متلازمين كالعلة والمعلول المساوي فإنه يستحل اجتماع أحدهما مع ضد الأخر لأنه اجتماع الضدين لعدم انفكاك أحدهما عن الأخر فكلما يصدق أحدهما يصدق الأخر. وأيضا قد يكون ضد أحد الخلافين ضد الخلاف الأخر كالظن والشك فإنهما خلافان وكل منهما ضد العلم فيكون كل منهما ضد الأخر.
قال شيخي العلامة: المثال غير صحيح لأن الظن والشك ضدان على الوجه الذي فسر المصنف الضدين.
والمثال الصحيح هو الضاحك والكاتب فإنهما خلافان على الوجه الذي فسره , وكل منهما ضد للصاهل.