والفرق بين الوجهين المذكورين أن الأول سنده نقض تفصيلي. والثاني نقض إجمالي وإن أراد القاضي بطلب ترك ضده طلب غير الفعل المأمور به كان النهي عن الضد عين الأمر بالشيء وصار النزاع لفظيا في تسمية الفعل بترك الضد , ثم في تسمية طلب ذلك الفعل نهيا.
والثاني: أن السكون عين ترك الحركة , فطلب السكون الذي هو الأمر بالسكون هو بعينه طلب ترك الحركة الذي هو النهي عن ضد السكون.
وأجاب بما تقدم وهو أن النزاع حينئذ يكون لفظيا.
ص - التضمين: أن أمر الإيجاب طلب فعل يذم على تركه اتفاقا , ولا يذم إلا على فعل وهو الكف أو الضد فيستلزم النهي.
وأجيب بأنه مبني على أنه من معقوله لا بدليل خارجي. وإن سلم فالذم على أنه لم يفعل لا على فعل. وإن سلم فالنهي طلب كف عن فعل لا عن كف , وإلا أدى إلى وجوب تصور الكف عن الكف لكل أمر وهو باطل قطعا. قالوا: لا يتم الواجب إلا بترك ضده وهو الكف عن ضده أو نفيه فيكون مطلوبا. وهو معنى النهي. وقد تقدم.
ش - احتج القائلون بأن الأمر بالشيء يتضمن النهي عن ضده بوجهين:
أحدهما: أمر الإيجاب طلب فعل يذم تاركه. ولا يذم إلا على فعل , لأن العدم غير مقدور عليه , وغير المقدور عليه لا يذم تاركه. وذلك الفعل هو الكف أو فعل ضد المأمور به لأن عدم المأمور لا يحصل إلا بأحدهما فيكون الكف أو فعل الضد المأمور به منهيا عنه فيكون أمر الإيجاب مستلزما للنهي عن أحدهما.
وفيه نظر لأنه يكون مستلزما للمنهي عنه وهو أحدهما لا النهي عن أحدهما وهو خلاف المطلوب.