والذين قالوا بجواز التخصيص إلى اثنين وثلاثة استدلوا بما قيل في الجمع من أن ألقه اثنان ومن أن ألقه ثلاثة.
وأجاب بأن الدلائل المذكورة لا تقتضي إلا أن الاثنين أو الثلاثة جمع وليس كل جمع عاما حتى يصح إطلاق العام على ما صح إطلاق الجمع عليه.
وفيه نظر لأن بقاء العموم بعد التخصيص غير مشروط بالاتفاق وبالضرورة وإلا لما صح إطلاق التخصيص إذ الاستغراق شرط شرط فلم يبق بعد ذلك إلا اعتبار ما هو مناسب للعموم فاعتبر بقاء الاثنين أو الثلاثة لمناسبة التعدد وليس في الواحد ذلك فلم يعتبر ولأنه يجوز أن يكون مذهب هذا القائل أن شرط العموم الجمعية لا الاستغراق فيعود النزاع لفظيا.
وأما القائلون بجوازه إلى الواحد فقد احتجوا بخمسة أوجه:
الأول: جوازه لغة فيما لو قال لعبده: أكرم الناس إلا الجهال ولم يكن فيهم عالم سوى واحد فإنه لم يستقبح ولو لم يصح لاستقبح.
وأجاب بأن هذا مخصص بالاستثناء. وليس النزاع فيه ولا يلزم منه صحته في غيره.
الثاني: قوله - تعالى -: (إنا نزلنا الذكر وإنا له لحفظون) أطلق " إنا " وأراد نفسه فدل على صحة إطلاق الجمع على الواحد.
وأجاب بأنه ليس " محل " فإن الكلام فيما بعد التخصيص.