للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَابَاتِهِ مِنْ عَمَلِهِ الْكِتَابَ بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، كَمَا يَقْبَلُ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ مَعَ الثِّقَةِ وَمَعْرِفَةِ الْخَاتَمِ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ، وَاسْتِدْرَاكِ مَا يُخْشَى مِنْ التَّعَدِّي، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْحُقُوقِ الْيَسِيرَةِ.

فَرْعٌ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ عَالِمًا بِعَدَالَةِ شَهِيدَيْ الْكِتَابِ، وَلَا يَكْفِي تَعْدِيلُهُمَا فِيهِ.

فَرْعٌ: لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ الْحَاكِمُ اسْمَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَاسْمَ أَبِيهِ، وَحِلْيَتَهُ وَصِنَاعَتَهُ أَوْ تِجَارَتَهُ وَشُهْرَتَهُ، إنْ كَانَتْ لَهُ لِيَتَمَيَّزَ بِذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ الْقَاضِي عَلَى مَا يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ هُوَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى عَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي شَارَكَهُ فِي ذَلِكَ قَدْ مَاتَ لَمْ يَحْكُمْ عَلَى الْحَيِّ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَنُ الْمَوْتِ وَيَعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ بِالشَّهَادَةِ، فَحِينَئِذٍ يَحْكُمُ عَلَى الْحَيِّ، فَإِنْ كَانَ حَيَّيْنِ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا قَصُرَتْ عَنْهُ الصِّفَةُ بِأَقَلِّهَا، فَإِنَّ الْكِتَابَ يَلْزَمُ الْآخَرَ وَلَوْ لَمْ يَخْتَلِفَا إلَّا فِي الْمَسْكَنِ فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ مَسْكَنُهُمَا يَوْمَ كَتَبَ الْكِتَابَ وَاحِدًا، وَأَشْكَلَ الْأَمْرُ لَمْ يَلْزَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا يُرِيدُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى عَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يُشَارِكُهُ كَشَفَ الْقَاضِي عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَعْدَاهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَرَكَ الْقَاضِي الْكَشْفَ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ: لَا بُدَّ لِلطَّالِبِ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْبَلَدِ مَنْ هُوَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْغَالِبُ مِنْ أَفْعَالِ قُضَاتِنَا الْيَوْمَ بِإِفْرِيقِيَّةَ، أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ يَذْكُرُ الْحَقَّ وَيَرْفَعُ شُهُودَهُ، وَيُخَاطِبُ الْقَاضِيَ لَهُ بِثُبُوتِهِ عِنْدَهُ، وَيَسِيرُ بِهِ إلَى مَحَلِّ خَصْمِهِ فَيَحْكُمُ لَهُ قَاضِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُكَلِّفَهُ تَعْدِيلَ شُهُودٍ.

فَرْعٌ: وَأَمَّا كِتَابُ الْقَاضِي الْمُجَرَّدُ عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا أَثَرَ لَهُ، قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ لَا تَنْفَعُ، لِأَنَّ الْخَطَّ لَا يُحْكَمُ بِهِ بِاعْتِرَافِ كَاتِبِهِ بِأَنَّهُ عَلَى مَا كَتَبَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ أَشْيَاءَ لَا يُؤْخَذُ بِهَا، وَلَوْ تَلَفَّظَ بِمَا كَتَبَ بِهِ لَأُخِذَ بِهِ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا الْيَوْمَ بِإِفْرِيقِيَّةَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ فِي الْقَدِيمِ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْقَاضِي، فَيَكْتُبُ الْقَاضِي تَحْتَ شُهُودِ الْوَثِيقَةِ كَائِنَةً مَا كَانَتْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>