للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ إنْ ادَّعَى عَلَى مَنْ يُشْبِهُ أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ عَلَى مَنْ يُشْبِهُ ذَلِكَ فَكَمَا قَالَ أَصْحَابُهُ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ إذَا قَصَدَ رَجُلًا فَاضِلًا قَدْ عُرِفَ بِالْخَيْرِ لَا يُقَارِفُ الدِّمَاءَ فَإِنِّي أُبْطِلُ التَّدْمِيَةَ وَلَسْت أَقْبَلُهَا مِنْهُ، قَالَ مُحَمَّدٌ وَمَا عِنْدِي بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَصُدِّقَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ تَرَكَ يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَصِيرَ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ، وَالْوُقُوفَ عِنْدَهُ وَالْفَتْوَى بِهِ.

وَصَارَ إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِهِ، وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ الْمَشْهُورَ وَيَخْتَارَ قَوْلَ مَنْ رَأَى الْحَقَّ فِي قَوْلِهِ، وَأَمَّا أَنْ يَعْرِضَ عَنْ مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ وَيَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ فَذَلِكَ تَقْصِيرٌ، وَمَا أَظُنُّ إلَّا أَنَّهُ غَابَ عَنْهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ قِيلَ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ؟ فَسُمِّيَ رَجُلًا أَوْرَعَ أَهْلُ تِلْكَ الْبِلَادِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ فِي الدِّمَاءِ وَلَا غَيْرِهَا، وَلَيْسَ هُوَ مَشْهُورًا بِشَيْءٍ مِنْ الشَّرِّ، قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مَالِكًا يُحَاشِي أَحَدًا مِنْ أَحَدٍ وَرَأَى أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي كُلِّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَنَا مَالِكٌ كَانَ الْمَقْتُولُ مَسْخُوطًا أَوْ غَيْرَ مَسْخُوطٍ، وَهُوَ سَوَاءٌ، وَلَيْسَ كَالشَّاهِدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ يُتَّهَمُ، وَالْمَرْأَةُ كَالرِّجَالِ فِي ذَلِكَ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَفِي ذَلِكَ الْقَسَامَةُ.

فَرْعٌ: وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ مُزَيْنٍ قَالَ: وَسَأَلْته يُرِيدُ عِيسَى بْنَ دِينَارٍ عَنْ صِفَةِ الضَّرْبِ الَّذِي إذَا ادَّعَاهُ الرَّجُلُ أَنَّهُ ضُرِبَ بِهِ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ، قَالَ: الضَّرْبُ كُلُّهُ قُلْت لَهُ: أَمِنْ ذَلِكَ اللَّطْمَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: ١٥] ، قُلْت: فَإِنْ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ، وَمِنْ ضَرْبِهِ يَمُوتُ وَلَيْسَ بِهِ أَثَرُ ضَرْبٍ فِي شَيْءٍ مِنْ جَسَدٍ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ، قَالَ: يُحْمَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا يُحْمَلُ وَتَكُونُ فِيهِ الْقَسَامَةُ عَلَى سُنَّتِهَا قُلْت: وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، قَالَ: وَأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، قُلْت: وَإِنْ رَمَى بِذَلِكَ صَالِحًا مِنْ النَّاسِ لَا يُتَّهَمُ بِشَيْءٍ قَالَ: وَإِنْ رَمَى بِذَلِكَ خَيْرَ النَّاسِ حَالًا فَرُبَّمَا حَدَثَتْ الْبَلَايَا وَرُبَّمَا كَانَ الضَّرْبُ الَّذِي يُخْفِي أَثَرَهُ وَهُوَ يَكِيدُ صَاحِبَهُ، فَالْقَسَامَةُ تَجِبُ بِقَوْلِهِ، وَيَدِينُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَدِينُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَدِينُ، وَأَصْدَقُ مَا يَكُونُ الْمَرْءُ عِنْدَ نُزُولِ الْمَوْتِ وَفِرَاقِ الدُّنْيَا.

وَقَالَ أَصْبَغُ: مَنْ قَالَ سَقَانِي فُلَانٌ سُمًّا وَمِنْهُ أَمُوتُ أَقْسَمَ عَلَى قَوْلِهِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ فِي آخِرِ سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا قَسَامَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>