فِي مِثْلِ هَذَا إلَّا فِي الضَّرْبِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَالْآثَارِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْجِرَاحِ وَأَثَرِ الضَّرْبِ.
وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ كَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِالْوَقَائِعِ النَّادِرَةِ.
مَسْأَلَةٌ: مَنْ أَتَى الْقَاضِيَ مُتَعَلِّقًا بِرَجُلٍ يَرْمِيهِ بِدَمِ وَلِيِّهِ، وَأَنَّهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِالْقِيَامِ بِدَمِهِ فَيَحْتَاجُ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ وَلِيُّ الدَّمِ، فَإِذَا ثَبَتَ تَعَدُّدُهُ مِنْ الْمُدَّعِي سَأَلَهُ الْقَاضِي: هَلْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ؟ فَإِنْ ادَّعَى ثُبُوتَ ذَلِكَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ الْغَدِ أَمَرَ الْقَاضِي بِحَبْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ أَثْبَتَ التَّعَدُّدَ وَلَمْ تَحْضُرْهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّمِ فَهُوَ فِي حَبْسِهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ، إنْ كَانَ الْمُدْمَى عَلَيْهِ مُتَّهَمًا حُبِسَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا إلَى الثَّلَاثِينَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ زُونَانِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ فَالْيَوْمَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا، فَإِنْ أَتَى طَالِبُ الدَّمِ فِي آخِرِ الْمُدَّةِ بِسَبَبٍ قَوِيٍّ سَقَطَ وَوَجَبَتْ الزِّيَادَةُ فِي حَبْسِهِ عَلَى مَا يَرَاهُ الْقَاضِي مِمَّا يُرْجَى بِهِ تَحْقِيقُ الدَّعْوَى أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، هَذَا الَّذِي يَجِبُ النَّظَرُ بِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ سَمِعْت مُطَرِّفًا يَقُولُ: مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ شَجَّهُ أَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبًا يَخَافُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَدْ عُرِفَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُمَا فَلَا يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُدَّعَى، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِلَطْخٍ بَيِّنٍ وَشُبْهَةٍ قَوِيَّةٍ، أَوْ يَكُونَ الْمُدَّعِي بِحَالَةٍ يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهَا الْمَوْتُ، وَقَدْ أَشَرْنَا بِذَلِكَ عَلَى حُكَّامِنَا فَحُكِمَ بِهِ.
وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ شُهِدَ عَلَيْهِ لَوْثٌ مِنْ بَيِّنَةٍ لَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ رَمَى حَجَرًا، فَمَضَى الْحَجَرُ عُلُوًّا حَتَّى وَاقَعَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ الْمَوْضِعِ لَا يُعْلَمُ لَهَا وَلِيٌّ فَمَاتَتْ مِنْ سَاعَتِهَا، وَلَمْ تَرْمِ أَحَدًا بِدَمِهَا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي فَحَضَرَ الْمُدْمِي وَالْقَوْمُ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ عَايَنُوا رَمْيَهُ، فَكَشَفَ الْقَاضِي عَنْ رَمْيَتِهِ هَلْ كَانَتْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً؟ فَلَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ فَحَبَسَهُ الْقَاضِي مُدَّةَ شَهْرٍ وَنِصْفٍ، فَسَأَلَ الْمَحْبُوسُ النَّظَرَ فِي أَمْرِهِ مِمَّا يَجِبُ لَهُ وَعَلَيْهِ وَهُوَ يُنْكِرُ الرَّمْيَةَ الْمَنْسُوبَةَ إلَيْهِ فَاسْتَشَارَ الْحَاكِمُ الْفُقَهَاءَ فَأَجَابُوا: بِأَنَّ اللَّوْثَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَقَدْ قَالُوا هُوَ الشَّاهِدُ الْعَدْلُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعُدُولِ، وَقَدْ حَبَسَهُ مُثْبِتًا فِي أَمْرِهِ وَطَالِبًا لِوَلِيٍّ إنْ كَانَ لَهَا وَهَذَا صَوَابٌ، وَبَعْدَ أَنْ طَالَ الْحَبْسُ هَكَذَا وَلَمْ يَأْتِ وَلِيٌّ وَجُهِلَتْ الرَّمْيَةُ فَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ كَانَتْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَالصَّوَابُ عِنْدَنَا أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِ مَنْ أَلْغَى شَهَادَةَ غَيْرِ الْعُدُولِ، وَأَخَذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute