للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ حُبِسَ فِي دَمٍ فَشُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ وَالطَّهَارَةِ وَاسْتِقَامَةِ الطَّرِيقَةِ، بَعِيدٌ مِنْ الَّذِي نُسِبَ إلَيْهِ مِنْ مُقَارَفَةِ الدَّمِ مُلَازِمٌ لِلْخَيْرِ وَأَهْلِهِ، وَاَلَّذِي وَشَى بِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِقْدٌ وَأُمُورٌ دُنْيَوِيَّةٌ، وَأَجَابَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِذَلِكَ تُوجِبُ الْإِطْلَاقَ مِنْ الْحَبْسِ، لِأَنَّ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَرْمِي الرَّجُلَ بِالدَّمِ هَلْ يُحْبَسُ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْمُدْمَى بِهِ مُتَّهَمًا يُحْبَسُ الشَّهْرَ وَنَحْوَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ لَمْ يُحْبَسْ إلَّا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُحَقَّقْ عَلَيْهِ شَيْءٌ أُطْلِقَ، فَهَذَا مَا قَالُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لِلْمُدْمِي بِالطَّهَارَةِ وَالِاسْتِقَامَةِ، فَكَيْفَ وَقَدْ شُهِدَ لِهَذَا بِنَفْيِ الرِّيبَةِ عَنْهُ، مَعَ مَا انْضَافَ إلَى ذَلِكَ مِنْ طُولِ حَبْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ؟ فَتَرَى أَنَّ إطْلَاقَ هَذَا الْمَحْبُوسِ وَاجِبٌ وَحَقٌّ لَازِمٌ، لَا يَحِلُّ حَبْسُهُ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ بِذَلِكَ ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ وَلِيدٍ وَأَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ.

وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ إنْ كَانَ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ بِشَهَادَةٍ تُوجِبُ حَبْسَهُ، فَإِطْلَاقُهُ وَاجِبٌ لَا يَجِبُ حَبْسُهُ.

مَسْأَلَةٌ: فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي سَجْنِ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ بُرَيْهِنَةَ فِي تَدْمِيَةٍ، فَأَجَابَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا: فَهَمُّنَا وَفَّقَ اللَّهُ الْقَاضِيَ مَا شُهِدَ بِهِ عَلَى ابْنِ بُرَيْهِنَةَ الْمَرْمِيِّ بِالدَّمِ، بِزَعْمِ الشُّهُودِ الَّذِينَ لَمْ يَعْرِفْ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَلَا شَهِدُوا شَهَادَةً يَجِبُ بِهَا أَخْذُهُ بِالدَّمِ، وَفَهِمْنَا شَهَادَةَ فُلَانٍ عَلَيْهِ وَمَا رَمَاهُ بِهِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعِثَايَةِ وَالْفَسَادِ، فَرَأَيْنَا هَذِهِ الشَّهَادَةَ خَاصَّةً يَجِبُ بِهَا حَبْسُ الْمُدْمِي حَبْسًا طَوِيلًا مَعَ تَظَاهُرِ الشَّهَادَاتِ عَلَيْهِ، مِمَّنْ لَمْ تَعْرِفْهُمْ حَبْسًا يَكُونُ كَالتَّخْلِيدِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ، وَذَكَرْت أَنَّ لَهُ فِي الْحَبْسِ عَامَيْنِ، وَأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ ذَكَرُوا لَك أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ حُسِّنَتْ عِنْدَهُمْ، فَإِذَا شَهِدُوا عِنْدَك بِجَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّهُ يَسْتَوْجِبُ الْإِطْلَاقَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْبَسْ عَنْ ثُبُوتِ شَيْءٍ عَلَيْهِ.

مَسْأَلَةٌ: فِي ثَلَاثِ رِجَالٍ تَرَامَوْا بِدَمٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: إنَّ هَذَيْنِ قَتَلَا ابْنَ عَمِّي، وَقَالَ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ إنَّ هَذَا قَتَلَ ابْنَ عَمِّي، فَأَمَرَ الْحَاكِمُ بِهِمْ إلَى السِّجْنِ لِيَكْشِفَ عَنْ حَالِهِمْ، فَلَمْ يَمْضِ الْيَوْمُ حَتَّى بَعَثُوا إلَى الْحَاكِمِ أَنَّا قَدْ اصْطَلَحْنَا وَإِنَّمَا كَانَ شَرٌّ وَقَعَ بَيْنَنَا وَقَدْ تَهَادَرْنَا وَاصْطَلَحْنَا فَاسْتَشَارَ الْحَاكِمُ فِيهِمْ الْفُقَهَاءَ فَأَجَابُوهُ: بِأَنَّ الَّذِي عِنْدَنَا فِي أَمْرِ الثَّلَاثَةِ أَنْ يُطْلَقُوا وَيُخَلَّى سَبِيلُهُمْ، إذْ قَدْ تَصَالَحُوا وَتَعَافَوْا

<<  <  ج: ص:  >  >>