للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ دَعْوَاهُمْ، وَرَجَعُوا إلَى أَنَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ مِنْ شَرٍّ وَقَعَ بَيْنَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ لِمَا ادَّعَوْا وَجْهٌ يَظْهَرُ وَلَا سَبَبٌ يَدُلُّ وَلَا سَبِيلٌ إلَى حَبْسِهِمْ، بَعْدَ هَذَا قَالَهُ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَكَذَلِكَ قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَنْ تَرَكَ إثْبَاتَ طَلَبِهِ، فَلَيْسَ عَلَى الْقُضَاةِ إجْبَارُهُ عَلَى طَلَبِ حَقِّهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي اسْتَرَابَ أَمْرَهُمْ بِشَاهِدٍ عَلِمَهُ بِشَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِمْ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ دَعْوَاهُمْ فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ.

مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ شَكَا بِوَلَدِهِ أَنَّهُ غَيْرُ بَارٍّ بِهِ فَحَبَسَهُ الْحَاكِمُ تَأْدِيبًا لَهُ، ثُمَّ بَعْدَ حَبْسِهِ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَتَلَ امْرَأَةَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَلَا قَامَ أَحَدٌ بِدَمِهَا وَإِنَّمَا جَرَى خَبَرٌ شَاذٌّ وَمَضَى لِحَبْسِهِ عَشَرَةُ أَشْهُرٍ، فَطَلَبَ أَبُوهُ إطْلَاقَهُ، فَأَفْتَى الْعُلَمَاءُ بِأَنَّ فِي دُونِ هَذَا الْحَبْسِ مَا يُؤَدِّبُهُ.

مَسْأَلَةٌ: رَجُلَانِ قَتَلَا أُخْتَهُمَا وَشُهِدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمَا، وَكَشَفَ الْقَاضِي عَنْ أَمْرِهِمَا فَلَمْ يَخْتَلِفَا أَنَّهُمَا قَتَلَاهَا لِرِيبَةٍ اتَّهَمَاهَا بِهَا. فَسَأَلَ الْقَاضِي الْفُقَهَاءَ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَهُ بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. فَأَجَابَهُ: الْفُقَهَاءُ: أَنَّهُ يَجِبُ حَبْسُهُمَا وَالْكَشْفُ عَمَّا نُسِبَ إلَيْهِمَا مِنْ قَتْلِهِمَا لَهَا بِبَيِّنَةِ عَدْلٍ، تَقْطَعُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَعَلَى سَمَاعِ صَوْتِهَا إذَا طُرِحَتْ فِي الْغَدِيرِ مِمَّنْ يَعْرِفُ صَوْتَهَا أَنَّ أَخَوَيْهَا يَقْتُلَانِهَا، وَاسْتِغَاثَتِهَا لِهَذَا وَقَامَ بِالدَّمِ مَنْ يَجِبُ الْقِيَامُ لَهُ، وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ فِي أَمْرِهِمَا بِمَا تُوجِبُ السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ رَمَى بِقَتْلِ أَخِيهِ سِتَّةَ نَفَرٍ فَحَبَسَهُمْ الْأَمِيرُ، ثُمَّ صَرَفَ النَّظَرَ فِيهِمْ إلَى الْقَاضِي وَأَمَرَهُ يَنْظُرُ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ، فَأَحْضَرَ الْقَاضِي الْمَرْمِيِّينَ وَالرَّامِيَ لَهُمْ، فَذَكَرَ لِلْقَاضِي أَنَّ أَخَاهُ مَرَّ بِقَرْيَةٍ لِلْمَبِيتِ بِهَا فَأَصْبَحَ مَقْتُولًا، وَرَمَى بِدَمِهِ سِتَّةَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَسَمَّاهُمْ.

وَقَالَ: إنِّي لَا أَعْرِفُهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ، فَأَنْكَرُوا كُلُّهُمْ قَتْلَ أَخِيهِ، ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَ اثْنَيْنِ مِنْ السِّتَّةِ مِنْ دَمِ أَخِيهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُمَا بِأَعْيَانِهِمَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ اسْمَهُمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَبْسُ الْأَمِيرِ لَهُمْ قَبْلَ ارْتِفَاعِهِمْ إلَى الْقَاضِي، مُدَّةَ ذِكْرِ السِّتَّةِ النَّفَرِ أَنَّهَا عِشْرُونَ شَهْرًا.

وَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّمَا حُبِسُوا لِأَجْلِي مُنْذُ سَنَةٍ وَمَا قَارَبَهَا، فَأَجَابَ الْفُقَهَاءُ: إنْ لَمْ يَأْتِ الْقَائِمُ بِدَمِ أَخِيهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِلَوْثٍ يَجِبُ بِهِ الدَّمُ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>