مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: لَيْسَتْ أُمُّك فُلَانَةَ فَهُوَ كَذِبٌ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَيْسَ أَبُوك فُلَانًا لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ، وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ السَّوْدَاءِ كَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، كَمَنْ قَالَ: يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ لِأَنَّهُ حَمَلَ أَبَاهُ عَلَى غَيْرِ أُمِّهِ إذَا كَانَتْ أُمُّهُ بَيْضَاءَ وَجَعَلَهُ لِرِيبَةٍ.
فَرْعٌ: وَلَوْ قَالَ: يَا ابْنَ زَيْنَبَ السَّوْدَاءِ وَأُمُّهُ زَيْنَبُ وَهِيَ بَيْضَاءُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: لَيْسَتْ أُمُّك فُلَانَةَ، وَهَذَا مِمَّا قَدْ حُكِمَ بِهِ عِنْدَنَا، وَأَمَّا ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ فَجَعَلَا وَاحِدًا إذَا قَالَ لَيْسَ أُمُّك فُلَانَةَ، أَوْ يَا ابْنَ السَّوْدَاءِ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: وَلَوْ قَالَ: يَا ابْنَ النَّصْرَانِيَّةِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا سَمَّى أُمَّهُ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ الْأَمَةِ وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ، أَوْ يَا ابْنَ الْبَرْبَرِيَّةِ وَأُمُّهُ قُرَشِيَّةٌ، لَيْسَ فِي الْأُمِّ شَيْءٌ فِي قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَكَأَنَّمَا قَالَ لِأُمِّهِ: أَنْتِ أَمَةٌ أَوْ بَرْبَرِيَّةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُطَرِّفٌ: عَلَيْهِ الْحَدُّ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ النَّفْيِ، وَلَكِنَّهُ حَمَلَ أَبَاهُ عَلَى غَيْرِ أُمِّهِ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَهَا بِاسْمِهَا، وَيَنْسُبَهَا إلَى غَيْرِ جِنْسِهَا أَوْ يَنْعَتَهَا بِغَيْرِ نَعْتِهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ أَقْيَسُ وَأَحَبُّ إلَيَّ، إلَّا أَنِّي أَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ لِشُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ وَأُعَظِّمُ فِيهِ الْعُقُوبَةَ.
تَنْبِيهٌ: وَمَنْ قَذَفَ ابْنَ الْمُلَاعَنَةِ أَوْ اللَّقِيطَ أَوْ الْمَحْمُولَ بِأَبِيهِ أَوْ أَوْ بِأُمِّهِ حُدَّ، وَمَنْ قَذَفَ الْمَنْبُوذَ بِأَبِيهِ وَبِأُمِّهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَمَنْ قَذَفَ ابْنَ أُمِّ الْوَلَدِ بِأَبِيهِ حُدَّ، وَمَنْ قَذَفَهُ بِأُمِّهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا التَّعْزِيرُ كَانَ الْقَاذِفُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ أَكْثَرُهُمَا أَدَبًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَبْدِ أَشَدُّ تَعْيِيرًا عَلَيْهِ، وَلَمَّا عَدَا مِنْ طَوْرِهِ وَجَاوَزَ مِنْ قَدْرِهِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَصْبَغُ: سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ: وَالرَّجُلُ يَقُولُ لِلْمُسْلِمِ وَأُمِّهِ نَصْرَانِيَّةٌ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ، إنْ كَانَ الْمَقُولُ لَهُ ذَلِكَ رَجُلًا لَهُ هَيْبَةٌ، فَأَرَى أَنْ يَضْرِبَ قَائِلَ ذَلِكَ الْعِشْرِينَ سَوْطًا وَنَحْوَهَا، وَإِنْ كَانَ لَا هَيْبَةَ لَهُ فَأَدْنَى مِنْ ذَلِكَ، وَجَاءَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ضَرَبَ رَجُلًا افْتَرَى عَلَى نَصْرَانِيَّةٍ أُمِّ مُسْلِمٍ بِضْعًا وَثَلَاثِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute